الاثنين، 14 يونيو 2021

الأحزاب السياسية،l نظام الحزب الوحيد

نظام الحزب الوحيد 

تعتبر فكرة الحزب الوحيد، أو وحدانية الحزب في الدولة، من أهم الأفكار التي ابتدعتها الشيوعية الساقطة في أوائل القرن العشرين لتصبح من أهم معالم الأنظمة الدكتاتورية في العالم[1].

نظام الحزب الوحيد


وكما هو واضح من الاسم، يعني هذا النظام وجود حزب سياسي واحد في الدولة يحتكر النشاط السياسي وممارسة السلطة العامة، وفي هذا النظام لا يسمح بقيام أحزاب سياسية أخرى، سواء اتفقت مع الحزب الوحيد في العقيدة او اختلفت معه، فالحزب الواحد، وهو غالبا الحزب الحاكم، محتكر للحياة السياسية ومحتكر للحقيقة[2]

الحزب هنا، هو المركز الوحيد للقرارات في كل المواضيع، وليست الدولة والجيش إلا منفذين، و إن من شأن تكوين إطار أو بنية خارج منظومة الحزب الشيوعي أن ينعت هذا السلوك بالانشقاق الذي ينبغي مواجهته بالقمع[3]، بالتالي فهو حزب يرفض المجتمع[4] ومن تم، فإن نظام الحزب الوحيد يندرج ضمن النظم الحزبية اللاتنافسية[5].

ومن مميزات خصائص هذا النظام :

-        احتكاره للعمل السياسي، وسلب الصفة الديمقراطية عن النظام السياسي ككل،

-        اعتبار نفسه ممثل لكافة افراد وهيئات وطبقات المجتمع،

-        يجمع كافة السلطات التشريعية والتنفيذية بين يديه،

-        سيطرته على الاقتصاد الوطني وتسخيره لخدمة أهدافه،

-        تشكيل منظمات شعبية للعمال والفلاحين والشباب والنساء والمثقفين،

-        صعوبة الانخراط في الحزب[6].

 إذ يشترط للانضمام لعضويته شروط أهمها الولاء للحزب ومبادئه، والسمع والطاعة لقادته[7].

ووجد نظام الحزب الوحيد تطبيقا له في عهد ألمانيا الهتليرية وإيطاليا الموسولونية و إسبانيا الفرنكاوية والبرتغال السالازارية[8] دون ان ننسى مهد الحزب الوحيد بالاتحاد السوفياتي، الذي وجد أساسه في كتاب ما العمل؟ لصاحبه لينين.

هكذا عملت هذه الأسماء ( هتلر...) على " إخفاء حكمها الفردي الاستبدادي بالقول إن الحزب هو الذي يحكم وليس شخص الحاكم "[9].

بالتالي فالتوظيف الأيديولوجي كان حاضرا وبقوة في ممارسة الحكام لاستبدادهم، وتعمقوا في التمويه على الحزب الوحيد، حيث أطلقوا عليه أسماء من قبيل هيئة، كهيئة التحرير التي أنشئت في مصر سنة 1953 [...] ولفض رابطة، كحزب رابطة عوامي الذي تزعمه الشيخ مجيب الرحمان في بنغلاديش[10].

إلا أن الحزب الوحيد انتشر بعد الحرب العالمية الثانية خارج أوروبا، و أخدت به دول المنظومة الاشتراكية سابقا، والعديد من دول العالم الثالث [...] حيث بني على عقائد متعددة فمنها أنظمة حزب واحد اشتراكي أو شيوعي النزعة، وأنظمة حزب واحد دو عقيدة قومية، وأنظمة حزب واحد دو توجه عسكري محظ[11].

وارتبط نظام الحزب الواحد بدول العالم الثالث بفترة الكفاح ضد الاستعمار، حيث تمت تصفية التيارات السياسية المنافسة لأحزاب التحرير أو ادماجها في إطار الحزب الوحيد للحفاظ على الوحدة الوطنية، ولا يستطيع الحزب الوحيد هنا القيام بالدور الطلائعي والثوري للأحزاب الشيوعية، بل هو أداة بيد السلطة الحاكمة، ويقوم الى حد ما بنفس وظائف الدولة[12].

يعتبر الحزب الوحيد لا تنافسيا، لانتفاء أي منافسة ولو نظرية بين الأحزاب السياسية، إما لوجود حزب واحد، لا يسمح بوجود أي حزب اخر، أو لوجود حزب واحد الى جانب أحزاب أخرى شكلية تخضع لقيادته، لكن لا تتوافر لها فعليا اية إمكانية للمنافسة الحقيقية[13].

هنا يفتح باب الحديث عن الحزب المسيطر أو المهيمن " باعتباره حزب سياسي كبير يهيمن على أغلب المؤسسات السياسية الى جانب وجود أحزاب سياسية أخرى تكون ضعيفة ومشتتة، وقد جسد حزب المؤتمر الهندي، نظام الحزب المسيطر لفترة طويلة من الزمن بلغت أكثر من أربعة عقود[14] والحزب الديمقراطي الاشتراكي في السويد، إذ تولى السلطة من دون انقطاع لمدة 44 سنة، من 1932 الى سنة 1976، ويتميز نظام الحزب المسيطر بالخصائص التالية:

-        سيطرة حزب واحد على الحياة السياسية لفترة طويلة بالرغم من وجود أحزاب منافسة،

-   حصول حزب واحد على نسبة كبيرة من الأصوات، تمكنه من تكوين الحكومة وحده، مقابل فشل الأحزاب الأخرى في الحصول على نسبة من الأصوات تمكنها من تقديم بديل.

-   يمكن للحزب المهيمن أن يفقد سيطرته ومكانته، وعندها تنتفي صفة الحزب المسيطر في المشهد السياسي المعني [...] و بالرغم من أن نظام الحزب المسيطر لا يتناقض مع الديمقراطية، لكون الهيمنة الحزبية تستند الى صناديق الاقتراع، إلا أنه نسجل عليه مجموعة من العيوب من بينها:

-        سيطرة حزب واحد يمكن أن تؤدي الى احتكاره للدولة، وللحكومة والبرلمان والإدارة،

-        يؤدي الى حرمان الأحزاب السياسية الأخرى من المشاركة في السلطة...

-        يؤدي الى تغييب التناوب لفترة طويلة...

-   يدفع أحزاب المعارضة التي تفشل في منافسة الحزب المسيطر الى الديماغوجية والتطرف في المواقف السياسية[15]. كما يساهم في الرتابة السياسية و يدفع الى عدم الابتكار والجمود السياسي وسيطرة الفكر الواحد.

و للإشارة فقد فشل نظام الحزب الوحيد في العالم الثالث وفي الوطن العربي، لقطيعته مع الجماهير و لدكتاتوريته التحكمية، وقد بدأ مد الانتقال الى فترة ما بعد الحزب الوحيد[16].


محمد بالخضار، باحث في القانون العام



1- ماجد راغب الحلو، النظم السياسية والقانون الدستوري، منشأة المعارف الإسكندرية، 2005، ص: 533.

2- إبراهيم ابراش، المؤسسات والوقائع الاجتماعية من شريعة الغاب الى دولة المؤسسات، نشر منشأة المعارف الإسكندرية، 2005 ، ص: 294.

3- أحمد حضراني، القانون الدستوري والمؤسسات السياسية، مطبعة ووراقة سجلماسة، مكناس،ط:2، 405 – 406.

4- محمد زين الدين، القانون الدستوري والمؤسسات السياسية، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، ط:3، 2016، ص: 230.

5- محمد الرضواني، مدخل الى علم السياسة، مطبعة المعارف الجديدة، الرباط،ط:2، 2015، سلسلة بدائل قانونية وسياسية، ص: 140.

الأنظمة الحزبية اللاتنافسية في العالم اليوم هي: الصين، ارتيريا، كوبا، كوريا الشمالية، لاوس، سوريا، تركمانستان، فييتنام، نصر محمد علي الحسيني، النظام الحزبي و أثره في أداء النظام السياسي للولايات المتحدة الامريكية(دراسة حالة الحرب على العراق 2003)، أطروحة دكتوراه، جامعة النهرين، قسم النظم السياسية والسياسات العامة، 2012، ص: 20

6- محمد زين الدين، م – س ، ص: 230.

7- ماجد راغب الحلو، م – س، ص: 533.

8- أحمد حضراني، ، م- س، ص: 406.

9- إبراهيم ابراش، م- س 2005 ، ص: 294

10- ماجد راغب الحلو، م- س ، 2005، ص: 533-534.

11- إبراهيم ابراش، م – س، ص: 294 

12- أحمد حضراني، م – س، ص: 406

13- نصر محمد علي الحسيني، م – س، ص:19

14- محمد زين الدين، م- س ، ص: 231. انظر كذلك:  نصر محمد علي الحسيني، م – س، ص: 17.

15- محمد الرضواني، مدخل الى علم السياسة، مطبعة المعارف الجديدة، الرباط،ط:2، 2015، سلسلة بدائل قانونية وسياسية،، ص: 139-140.

16- أحمد حضراني، القانون الدستوري والمؤسسات السياسية، مطبعة ووراقة سجلماسة، مكناس،ط:2، ص: 407. 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الدولة،l أزمة الدولة في ظل العولمة

  أزمة الدولة في ظل العولمة إن مسار تطور وظيفة الدولة حملها من القوة الى الضعف، بالقول؛ أن جبروت الدولة الذي ظهر في الحرب العالمية الأولى ...