الخميس، 10 يونيو 2021

نظرية فصل السلطات،l نظرية فصل السلطات عند مونتسكيو و تطبيقاتها

 

نظرية فصل السلط عند مونتسكيو و تطبيقاتها

  

مقدمة :

يعد مبدأ الفصل بين السلطات من الأفكار السياسية الفارقة في تاريخ الفلسفة السياسية الغربية، حيث شكل انعطافة سياسية عبر تقسيم سلطة الدولة  الى ثلاث سلط  سياسية متقابلة، بعدما كانت مجمعة في يد الحاكم.

حيث يقتضي تطبيق المبدأ توزيع وظائف الدولة الى وظيفة تشريعية وتنفيذية و قضائية، بينهما علاقات مراقبة متبادلة، تضمن عدم تجاوز أي سلطة لمجال اختصاصها.

وبالتالي يشكل المبدأ ضمانة حقيقية لحريات الافراد، لأن تجميع السلط في يد واحدة يؤدي مباشرة الى الاستبداد بكل انواعه، ومن تم، فمبدأ الفصل بين السلطات، ضرورة سياسية للانتقال من الانظمة الاستبدادية الى الانظمة المعتدلة. حيث تعتبر هذه الاخيرة مجالا سياسيا يوفر الحرية للجميع، على اعتبار أن الحرية هي الهدف المنشود للفلسفة السياسية.

إلا أن السؤال يطرح اليوم على مدى نجاعة هذا المبدأ أمام التحديات التي يطرحها النظام الحزبي في الانظمة السياسية المعاصرة، فالبعض يرى انها نظرية اصبحت متجاوزة بسبب الفاعلين السياسيين الجدد، وبالتالي فالإشكالية تطرح على مدى اضطلاع مبدأ فصل السلطات اليوم بالأدوار السياسية التي جاء من اجلها، والمتمثلة في فصل السلطات المفضية الى عدم الاستبداد بالحكم،عبر ايقاف السلطة للسلطة.

سنتناول  في هذه الدراسة، الإطار النظري والمفاهيمي لمبدأ الفصل بين السلطات لمونتسكيو(المبحث الاول) وكذلك  الى الانتقادات الموجهة الى تطبيقات المبدأ في الانظمة السياسية المختلفة (المبحث الثاني).

 نظرية فصل السلطات عند مونتسكيو و تطبيقاتها


المبحث  الأول: نظرية الفصل بين السلطات لدى مونتسكيو

عرفت الافكار السياسية والفلسفة السياسية عموما وهي تسعى الى ايجاد صيغ لأنظمة حكم ديمقراطية تطورا نوعيا مع نظرية فصل السلطات، التي نحتها الفيلسوف الفرنسي مونتسكيو، انطلاقا من التجربة السياسية الانجليزية، بعدما مهد لها مفكرين سياسيين اخرين. فما هو مسار تشكل هذه النظرية؟ وما هو مضمونها؟

المطلب الأول: مفهوم نظرية فصل السلطات

تعتبر نظرية فصل السلطات " مبدأ سياسي للحكم، يقوم على أساس فصل السلطات الرئيسية الثلاث للحكم، التشريعية والتنفيذية والقضائية، بعضها عن بعض، بهيئات تنظيمية، مُستقل كل منها عن الأخرى[1] 

فالأمير، أو الحاكم، يضع القوانين بالسلطة الاولى لزمن معين أو لكل زمن، و يصحح أو يلغي ما وضع منها، وهو بالثانية يقرر السلم والحرب ويرسل السفارات أو يتقبلها، و يوطد الأمن ويحول دون الغارات، وهو بالثالثة يعاقب على الجرائم أو يقضي فيما بين الأفراد من خصومات، وتسمى هذه الأخيرة سلطة القضاء، وتسمى الأخرى سلطة الدولة التنفيذية فقط [2].

وعلى هذه السلطات أن تكون لها صلاحية إيقاف بعضها البعض حتى لا تنزلق الى الشمولية[3]، إلا أنه لا يكفي لكي "توقف السلطة السلطة" أن يكون هناك فصل بينهما، أو أن يعهد ببعض من الإختصاصات الى كل منها تباشره استقلالا عن الاخرى، وإنما يجب بالإظافة الى ذلك، أن تكون علاقاتها متكافئة، أي أن يكون لكل سلطة من السلطات الثلاث ثقلا ووزنا، تستطيع بواسطته أو من خلاله أن تقاوم السلطات الأخرى.

والواقع أنه بغير ذلك لا تبدو أية فائدة من الاخذ بمبدأ فصل السلطات، إذ ما الفائدة من فصل الوظيفة التنفيذية عن الوظيفة التشريعية إذا لم يتمكن صاحب التنفيذ أن يعمل إلا بإرشاد صاحب التشريع؟ وما الفائدة من فصل القضاء إذا كان رجال السلطة القضائية يتبعون السلطة التنفيذية؟[4]

إلا أن الغاية من مبدأ الفصل بين السلطات هو عدم تجميع واحتكار السلطة التشريعية والتنفيذية والقضائية من طرف سلطة واحدة أو هيئة واحدة[5] لأن هذا الجمع بين السلطات الثلاث يؤدي الى الاستبداد الذي يذهب بالحقوق والحريات.

 "إذ لا تكون الحرية مطلقا إذا ما اجتمعت السلطة الاشتراعية والسلطة التنفيذية [...] لأنه يخشى أن يضع الملك نفسه أو السِّنَات نفسه قوانين جائرة لينفذها تنفيذا جائرا.وكذلك لا تكون الحرية إذا لم تفصل سلطة القضاء عن السلطة الاشتراعية والسلطة التنفيذية، وإذا كانت متحدة بالسلطة الاشتراعية كان السلطان على الحياة و حرية الأهلين أمرا مراديا، وذلك لأن القاضي يصير مشترعا، و إذا كانت متحدة بالسلطة التنفيذية أمكن القاضي أن يصبح صاحبا لقدرة الباغي".[6]

 لأن التجارب الأبدية أتبتت أن كل إنسان يتمتع بسلطة يسيئ استعمالها، أو يتمادى في هذا الاستعمال حتى يجد حدودا توقفه [7] فالحرية هي الهدف الاساسي لنظرية فصل السلطات حيث أكد على توفر الحرية في الانظمة السياسية المعتدلة "... حيث ان الحرية تُجعل في الجمهوريات عادة وتُبعد عن الملكيات ... حيث أن الشعب في الديمقراطيات يظهر فاعلا لما يريد تقريبا فإن الحرية جعلت في هذه الأنواع من الحكومات[8].

وبالتالي جاءت نظرية فصل السلطات، لِتُقعِّد لمفهوم تشتيت سلطان الدولة المستبدة إلى سلط ثلاث، تضع بينهم مسافة قانونية وسياسية، تضمن من خلالها حرية المواطنين عبر المراقبة المتبادلة بينها، كضمان لعدم انزلاق أي سلطة خارج الضوابط القانونية والسياسية المؤطرة لها.

" فالسلطة التشريعية تناط بالبرلمان، والسلطة التنفيذية تناط برئيس الدولة، أو رئيس الحكومة أو الوزراء، والقضاء للسلطة القضائية، الأساس لا يكمن في اختلاف الأجهزة لكن استقلالها، إن لم يكن استقلالا كليا، وجب أن تكون المسافة بينهم متباعدة قدر الإمكان، بمعنى أن ارتباط السلط فيما بينها يجب أن يكون في حدوده الدنيا.

والأمر كما أوضحه مونتسكيو" لكي لا نسيئ استعمال السلطة، فعلى السلطة أن تحد السلطة"، فعلى المستوى القانوني يجب الحيلولة دون أن تقوم سلطة بممارسة جميع السلط الثلاث، على المستوى السياسي يجب الحفاظ على حريات الأفراد.[9]

فالهدف وراء مبدأ فصل السلطات هو القضاء على الاستبداد [...] عبر توزيع السلط وعدم تجميعها في يد سلطة واحدة[10]، لمواجهة السلطة المطلقة للملكية التي تبنت نظرية الحق الإلهي[11]، والانتقال الى الانظمة المعتدلة حيث تتوفر الحرية، جمهورية كانت ( ديمقراطية او ارستقراطية)،  أو ملكية شريطة ألا تسيء استعمال السلطة، حيث تتوفر الفضيلة السياسية، التي تعني حب الوطن، والمساواة في الديمقراطية. [12]

 فالفضيلة، تعد ركيزة أساسية في عمل الدولة، إذ يقول سقراط لتلميذه السِّيبَاد" يجب قبل كل شيء يا صديقي، ان تفكر في اكتساب الفضيلة، انت وكل رجل  يريد ألا يعنى بنفسه وبماله من الاشياء فحسب، بل أيضا بالدولة وبالشؤون التي تعني الدولة[13]، إلا أن الفضيلة قد تتخلى عن نفسها الى الإفراط، فليس من الحكومات ما يقدر لها البقاء إلا الحكومات المعتدلة،[14] لأن تجاهل قانون الاعتدال، كان سبب تردي الحكومات في صنوف الفساد والجور[15]، وبذلك تعتبر الديمقراطيات الليبرالية في شكلها الحالي، نتيجة منطقية لتطور تاريخي طويل أدى الى احلال الديمقراطية محل الاستبداد، وتبني مبدأ فصل السلطات[16].

وقبل أن تتبلور نظرية فصل السلطات مع مونتسكيو، فقد مرت في مسار تطوري على مستوى الممارسة  والتدافع السياسي، أكثر منه على مستوى التنظير الفلسفي.

المطلب الثاني: نشأة مفهوم الفصل بين السلطات

يعتبر ارسطو أول من نادى بفصل السلطات[17]، إذ يقول أن السلطة لا تنبع إلا من الجماعة، وبالتالي لا يجوز أن تسند الى فرد أو أقلية من الشعب، وإنما إلى الجماعة كلها، وبما أن وظائف الدولة متعددة ومتشابكة وجب توزيعها الى عدة وظائف فرعية ثلاث:

أ – المداولة : (الفحص والتشاور) سماها ارسطو السلطة التداولية، ويتولاها المجلس العام عبر فحص المسائل والقضايا العامة ومناقشتها.

ب - الأمر : وظيفة الحكم وإصدار الأوامر، يتولاها الحكام.

ج - القضاء أو العدالة : تناط بالسلطة القضائية التي تتولاها المحاكم للفصل في الخصومات والجرائم.

والواقع أن دعوة ارسطو لم تكن دعوة الى الفصل بين السلطات، بل دعوة الى تقسيم وظائف الدولة حسب طبيعتها القانونية[18]. و شيشرون و مارسيليو و بودان و لوك و اخرون، وتبلورت على يد المفكر الفرنسي مونتسكيو.[19]

 إلا أن كتابات متعددة تعتبر أن مبدأ الفصل بين السلطات" يستقي جذوره من فلسفة الأنوار للمفكرين الأوروبيين منذ مطلع القرن الثامن عشر، ومن أبرزهم جون لوك الذي ميز لأول مرة في كتابه الحكومة المدنية الذي صدر سنة 1690، أي سنة بعد إعلان وثيقة الحقوق سنة 1689 بين أنواع السلطات التي قسمها الى ثلاثة : السلطة التنفيذية، السلطة التشريعية، والسلطة الاتحادية، ويلاحظ أن الفيلسوف الانجليزي لم يدرج ضمن نظريته المتعلقة بتوزيع السلط، السلطة القضائية، هذا الإغفال ، هو ما يفسر ارتباط مبدأ الفصل بين السلطات باسم المفكر الفرنسي مونتسكيو، الذي وضع أسسه في كتابه" روح القوانين" الصادر سنة 1748، حيث وضح مبادئه الأساسية بشكل واضح ودقيق على نقيض جون لوك[20] الذي يرى أن هناك سلطتين أو حكمين : سلطة جوهرية، هي السلطة التشريعية، وسلطة تنفيذية تعمل على تنفيذ تلك التشريعات، وهذه السلطة، أي السلطة التنفيذية، تحتوي على مجالين مختلفين: مجال الادارة ومجال العدل، وتعمل اجهزة مختلفة على ممارستها.[21]

  و قد تبلور المفهوم في صيغته النهائية مع مونتسكيو بعد صعوده (أي مفهوم فصل السلط) في مسار تطوري من خلال الصراع بين القوى السياسية في النظام الانجليزي، حيث انه في" الزمن الفيودالي كانت السلط جميعها في يد الملك [...] له صلاحية وضع القوانين وتنفيذها وممارسة القضاء، ومنذ القرن الثالث عشر، ظهر برلمان بغرفتين اعتمادا على المعايير الاجتماعية والجغرافية، حيث اجتمع البرلمان في سنة 1295، والذي يضم ممثلي النبلاء ورجال الدين، وممثلي المدن واللجان التي تشكل مجلس العموم.

 هذا البرلمان القوي بالشرعية الوطنية، سيحاول ان ينتزع من الملك سلطة وضع القوانين العادية أو اقتراحها أو التصويت عليها، وذلك عبر الضغط على الملك سياسيا، بالاعتماد على حق منحه إياه الميثاق الأعظم لسنة 1215 للبرلمان، يتمثل في إلزامية موافقة هذا الأخير على أي مشروع للرفع من قيمة الضرائب التي يقترحها الملك لإكتسابها للشرعية، ومقابل موافقة البرلمان على اقتراحات الملك المالية، يجب على هذا الأخير قبول مقترحات القوانين التي يقترحها بها البرلمان.

ومع صعود غيوم ارونج الى العرش الانجليزي بمساعدة البرلمان، وافق الملك الجديد على التخلي عن السلطات التشريعية التي كان يتمتع بها سلفه هنري الثامن، هذه السلطة التي تحولت مباشرة الى البرلمان، وهذا الانتقال تضمنه إعلان الحقوق لسنة 1689.

هكذا نشأ لأول مرة في بلد أوروبي مبدأ الفصل بين السلط، و وضع موضع التنفيذ، حيث البرلمان يحوز السلطة التشريعية، والملك يحوز السلطة التنفيذية[22].

هكذا انبثق مبدأ الفصل بين السلطات تجريبيا و عبر الممارسة، من خلال التدافع بين أطراف اللعبة السياسية الانجليزية، حيث استغل ممثلي الشعب التحولات السياسية الداخلية والخارجية لإستخلاص صلاحيات سياسية وقانونية ظلت حكرا على  الملوك الانجليز يَتَوَارَثُونها فيها بينهم كغنيمة سياسية بمبررات ميتافيزيقية، و عرف المبدأ انتشارا واسعا كانت له اثارا سياسية فارقة.

المطلب الثالث : اثار نظرية فصل السلطات.

مرت نظرية فصل السلطات من مرحلتين اساسيتين، ارتبط تحقيبهما بمدى فهم رجال السياسة  لهذه النظرية، وتأويلهم لها في الواقع العملي.

لقد شكل مبدأ فصل السلطات فتحا كبيرا في الفلسفة السياسية لعصر الأنوار كما صاغة مونتسكيو بتفاصيله الواضحة، واضعا له هدفا محددا، هو القضاء على الاستبداد والطغيان،  واستخلاص الحقوق والحريات من هذه الانظمة، وإعادة الإرادة العامة للشعب، بدل نظرية الحق الإلهي للسلطة،"  وأصبح من المؤكد أن الأخد بمبدأ الفصل بين السلطات سيؤدي الى احترام القوانين، ثم تطبيقها بشكل عادل على الجميع، على خلاف  مبدأ تركيز السلطة الذي يؤدي الى عدم استقرار القوانين والاستهتار بها".[23]

 وبالتالي شكل المبدأ بارقة أمل للشعوب الرازحة تحت نير الاستبداد وهوى الحكام، ما لبثت هذه الشعوب أن تلقفت المبدأ وسارعت الى تطبيقه على أمل تحقيق الانعتاق السياسي والاجتماعي عبر ميكانيزم فصل السلط" الذي هيمن على التاريخ السياسي منذ منتصف القرن السابع عشر وتاريخ الدستور الامريكي منذ سنة 1776 وفرنسا انطلاقا من سنة 1789 وباقي الدول الليبيرالية والديمقراطية.[24]

 حيث لقي حماسا كبيرا لدى زعماء الثورة الفرنسية الَّذين اعتبروه من المبادئ الدستورية الأساسية، الى جانب إعلان حقوق الإنسان والمواطن، الصادر 26 غشت 1789، الذي أكد على أهمية فصل السلطات، وهو ذات الموقف الذي ثم الاعلان عنه من طرف الثورة الأمريكية، خاصة في أول دستور لها سنة 1748 الذي اعتبر مبدأ الفصل بين السلطات، هو الأساس في تنظيم السلطات في الولايات المتحدة الأمريكية.

ومنذ ذلك الحين كل الأنظمة السياسية، باستثناء الأنظمة السلطوية سارت في نفس الإتجاه [...] حيث ساهم الفرنسيون في نشر مبادئ وأفكار هذا المبدأ الذي نشأ في أنجلترا على اوسع نطاق"[25].

وهكذا أزدهر الفكر السياسي الجديد لمونتسكيو في القرن التاسع عشر على الخصوص، حيث اعتمد كمعيار لتصنيف الأنظمة السياسية التي تحوز جميع السلط  لفائدة هيمنة السلطة التنفيذية أو السلطة التشريعية، مقابل تلك الأنظمة التي اعتمدت فصل مرن للسلط، كالنظام البرلماني الانجليزي أو الفرنسي، أو الفصل الكلي للسلط كالنموذج الرئاسي الأمريكي[26].

وهذا التمايز في الأنظمة السياسية يعود الى التمايز في فهم وتأويل نظرية فصل السلطات، فهناك من رأى أن الفصل يجب أن يكون كليا وباثا، بحيث تنفصل السلط والأجهزة بصفة مطلقة، ولا يتدخل أي جهاز في باقي الاجهزة الاخرى (هذا التفسير شكل الاتجاه التقليدي لنظرية فصل السلطات)، وهناك طريق اخر للتأويل يرى أن تطبيق مبدأ الفصل بين السلطات لا يمنع من أن تكون هناك علاقات نسبية بين الأجهزة، تسمح بالتعاون فيما بينها خدمة للصالح العام،(هذا التفسير شكل الاتجاه الحديث لنظرية فصل السلطات).

حيث ذهب رجال الثورة في فرنسا و أمريكا الى أن الفصل بين السلطات هو شرط الحكومة الدستورية الحرة، وأعلنت الثورة الفرنسية ذلك صراحة في اعلان حقوق الانسان والمواطن في 26 غشت لسنة 1789، إذ نصت المادة 16 منه على أن" أي مجتمع لا تكون فيه الحقوق مكفولة، أو فصل السلطات محددا، فهو مجتمع بلا دستور"، وكما جاء في دستور فرنسا في 4 نونبر 1848.

غير أن الثوار في فرنسا انتهوا في تفسير فصل السلطات الى أبعد مما كان يستهدفه مونتسكيو، فقد ذهبوا الى حد الفصل المطلق والتام، حيث تنتفي كل علاقة أو تداخل بين الهيئات القائمة على مباشرة هذه السلطات [...] حيث اعتبروا في تفسيرهم أن الأمة صاحبة السيادة تملك ثلاث سلطات، وكل سلطة تمثل جزءا منفصلا مستقلا من أجزاء السيادة، وعندما تختار الأمة ممثليها فإنها تفوض كل من هذه السلطات الى هيئة عامة مستقلة و متخصصة، فتفوض احدى هذه الهيئات الامة في ممارسة السلطة التشريعية، والاخرى في ممارسة السلطة التنفيذية، والثالثة في ممارسة السلطة القضائية، وبالتالي قيام فصل مطلق بين هذه السلطات الثلاث[27].

إلا أن بعض الكتابات الحديثة اعتبرت أن الثوار الفرنسيين، لم يريدوا توظيف مبدأ الفصل بين السلطات كوسيلة لضمان الحريات الفردية، ولكنهم وظفوا المبدأ لإبقاء الدولة في وضعية ثانوية اتجاه الطبقة البورجوازية التي نجحت في تحييد أفراد الشعب عن تدبير الشؤون العامة عبر النظام التمثيلي، لا يريدون دولة قوية تجهز على تطلعاتهم التي يعتبرونها مشروعة.[28]

 فإذا كانت السيادة لا تتجزأ على مستوى المفهوم النظري، فإن الثوار الفرنسيين قد فعلوا ذلك إجرائيا بعد أن أقاموا الحواجز وعزلوا السلط عن بعضها البعض، الأمر الذي يؤدي الى " شلل قوى الدولة، وانهيار وحدتها" من هنا وجب اعادة التفكير في المفهوم"[29].

فالسلط حسب مونتسكيو يجب أن توزع بشكل متوازن [...] وذلك يتحقق عبر السماح لكل سلطة بممارسة تأثيرها على السلط الاخرى، مع تنظيم تعاونهما، وهذا هو اكتشاف مونتسكيو.[30]

 لذلك كانت النظرية التي سادت إبان الثورة الفرنسية، والتي نادت بالفصل المطلق بين السلطات، نظرية قصيرة العمر، سرعان ما اِستُعيض عنها بمبدأ الفصل النسبي أو المرن بين السلطات، على أساس أن سلطة الدولة وحدة لا تتجزأ، تقوم بعدة وظائف في الدولة لا يمكن الفصل بينها فصلا مطلقا لسببين :

1- هذه الاختصاصات جميعها إنما تمارس لأجل تحقيق الصالح العام، وبناء عليه فإنه يجب أن يقوم تعاون و تنسيق بين الهيئات التي تباشرها، وذلك لأجل تحقيق تلك الغاية،

2- أن هذه الاختصاصات يتداخل بعضها مع البعض الاخر، لدرجة لا تسمح بالفصل بينهما فصلا مطلقا، وبناءا عليه، يجب أن تكون هناك درجة معينة من المشاركة في ممارستها بين الهيئات العامة المختلفة، شريطة ألا تؤدي تلك المشاركة الى إلغاء الفواصل القائمة بينها، أو تركيز السلطة في يد واحدة منها[31] حيث أن فصل السلط لدى مونتسكيو  بعيد عن كونه دعوة للفصل الكلي بين السلط.[32]

 إن مبدأ الفصل بين السلطات ليس بالمطلق كما أخد بذلك أول دستور في فرنسا الصادر في سنة 1791، وخلافا لذلك يجب أن تحكم العلاقة بين السلطات المرونة المعقلنة، أي الفصل النسبي وليس الفصل المطلق، لضمان سير مرافق الدولة بشكل متوازن بين السلطات[33].

وبالتالي، فالمؤسسات السياسية الإنجليزية هي التي تحقق توازنا بين ثلاثة أشكال حكومية، لأن القوانين تنتج عن التقاء ثلاث إرادات : " ارادة الشعب" المتمثلة في مجلس العموم، والارستقراطية المتمثلة في مجلس اللوردات، وإرادة الملك، لدى، فالحقوق والمصالح تعتبر مضمونة، نظرا، لأن أي قوة اجتماعية لا تستطيع فرض سلطتها على الإرادتين الاخرتين. فلِلملك حق إصدار القوانين، وللمجالس البرلمانية حق مراقبة تنفيذ هذه القوانين ومعاقبة الوزراء الذين لا يلتزمون باحترامها، أما السلطة القضائية فليس لها أي قيمة من الناحية السياسية، لأن القضاة يلتزمون بتطبيق القوانين لا بسنها، ومع ذلك يجب أن تبقى مستقلة لارتباطها بحياة الناس.[34]

 وبالتالي فالنظام الانجليزي هو الذي يطبق ويحترم مبدأ الفصل بين السلطات بعدما اكتشفه بالطريقة الامبريقية[35].

لنخلص الى أن مبدأ الفصل بين السلطات، هو نتاج التجربة السياسية الإنجليزية التي افرزته عبر صراع أطراف المعادلة السياسية التي حبكته عبر الممارسة اليومية للسياسة، وللصراع، ولتوازن القوى، واختلالها، وللفوز، والهزيمة السياسيين، وهم وحدهم الانجليز، من يعرف أسرار هذا المبدأ و شروط نجاحه.

وأول شروط نجاح مبدأ الفصل بين السلطات، هو القبول بالآخر السياسي،  بمعنى قبول مراقبتُه لك، ومُشاركتُه لك في سلطتك، استثناءا، وفق حالات يحددها القانون.

الامر الذي لم يتوفر في التجرية الفرنسية على عهد الجمهورية الأولى والثانية، حيث النفوس الثورية هائجة ترى في السلطة التنفيذية شبح الملكية، فاقدة الشرعية والمشروعية، بسبب تاريخهم الاستبدادي، المليء بالتجاوزات القانونية والسياسية، فكيف لهم والحالة هذه، بحق التدخل بأي شكل من الأشكال في شؤون السلطة التشريعية لممثلي الأمة.

 لدى نراهم حاولوا تطبيق مبدأ الفصل بين السلطات بشكل لا متوازن لفائدة ممثلي الارادة العامة، في عملية انتقام سياسي من السلطة التنفيذية التي وفرت جميع شروط نقمة الشعب عليها، الأمر الذي حال دون نجاحهم في بلورة هذا المبدأ على ارض الواقع، الناجم عن سوء فهمهم لمستلزمات نجاح مبدأ فصل السلطات، حيث كان هناك عدم استقرار سياسي، بتغيير الحكومات في وقت و جيز جراء تغول السلطة التشريعية على باقي السلط.

وبالتالي فنجاح مبدأ الفصل بين السلطات يقتضي اجراء مصالحة وطنية في الاقطار التي تريد اعتماده بشكل إيجابي بعد انجلاء الأزمة السياسية، لأن القبول بالأخر السياسي يقتضي نفوس هادئة، تحتكم الى العقل، وتتغيأ المصلحة العليا للوطن، بمعنى أن مبدأ الفصل بين السلطات، يحتاج الى سياسيين لا إلى ثوار. إذ كلما تباعد زمن الثورة إلا وازداد منسوب التوازن في اعتماد المبدأ داخل النظام السياسي.

المطلب الرابع : مزايا مبدأ الفصل بين السلطات

لقد شكل مبدأ الفصل بين السلطات إضافة نوعية   للفلسفة السياسية لعصر الانوار، حيث كانت أوروبا تحارب الطغيان السياسي المرتبط بالمفهوم الديني للحكم، حيث ثم تكريس السلطة الزمنية للملوك عبر تحكمهم في الأفكار  بمبررات دينية.

وبالتالي كانت الافكار السياسية سلاحا قويا لمواجهة الاستبداد بالحكم، وتغليب هوى الحكام على مصالح الشعوب.

واستمر الواقع السياسي المتسم بسيطرة السلطة التنفيذية الى حين مجيئ نظرية فصل السلطات، التي أعادت التوازن الى العلاقة بين الدولة و الشعب، حيث برز دور البرلمان المدافع عن الارادة العامة، وأصبح مشاركا في صنع القرار السياسي.

 حيث " أصبح مبدأ الفصل بين السلطات، مبدأ أساسيا في الانظمة السياسية المعاصرة والديمقراطية مع النظام التمثيلي، ووسيلة لمحاربة الملكية المطلقة، وضمانة للحريات "[36].

و قد عدد مؤيدي نظرية فصل السلطات مزايا من بينها :

أ - صيانة الحرية ومنع الاستبداد، لأن تركيز السلطة في يد هيئة واحدة يؤدي الى إساءة استعمالها، والقضاء على حريات الافراد، إذ أن الحريات لا توجد إلا في الحكومات المعتدلة، و حتى في الدول المعتدلة لا توجد الحرية دائما فهي تتحقق فقط حينما تتقيد السلطة ويمتنع اساءة استعمالها.

ب - يحقق احترام القوانين و يكفل تطبيقها تطبيقا سليما وعادلا، بخلاف مبدأ تركيز السلطة الذي يؤدي الى عدم استقرار القوانين والاستهتار بها، وينتج عن هذا الفصل تمتع القوانين التي تنتج عن السلطة التشريعية بصفتي العمومية والتجريد، مما يوفر لها الاحترام من جميع الهيئات، ويكفل تطبيقها تطبيقا عادلا على جميع الافراد، أما لو اجتمعت سلطة التشريع وسلطة التنفيذ في سلطة واحدة لأذى ذلك الى أن يكون منفذ القانون هو نفسه الذي قام بِسَنِّه، أي أن صفتي المشرع والمنفذ ستجتمعان في يد واحدة، ويترتب عن ذلك فقدان القانون لعموميته وحياديته، و خضوعه لأهواء وميول تلك الهيئة[...]، وتتحقق نفس النتيجة عند اجتماع السلطتين التشريعية والقضائية في يد هيئة واحدة، فتضيع صفة العمومية التي يتصف بها القانون ويتحول الى أداة لتنفيذ الأغراض والمارب  من ناحية، ومن ناحية أخرى ستنتفي رقابة القاضي على عدالته ومشروعية تنفيذه، لأنه هو القاضي وهو المنفذ في نفس الوقت.

يعمل المبدأ على تقسيم الوظائف المختلفة للدولة على هيئات مستقلة مما يؤدي الى اتقان هذه الهيئات و إجادتها لعملها [...] ليس فقط في علم الإدارة، بل أيضا في المجال السياسي، فقد لاحظ مونتسكيو أن وظائف الدولة - أي دولة – هي ثلاث، وظائف التشريعية،  التي تتمثل في صنع القانون، والوظيفة التنفيذية التي تتضمن تنفيذ القانون، وإقامة الأمن، والعلاقات الدبلوماسية، وأخيرا الوظيفة القضائية المتمثلة في تطبيق القوانين على المنازعات بين الافراد، ومن ثم يكون من الضروري توزيع هذه الوظائف الثلاث على هيئات منفصلة تراقب بعضها بعضا لحسن أداء كل هيئة لوظيفتها نتيجة تخصصها[37]

المبحث الثاني : تطبيقات مبدأ فصل السلطات

 

بعد ترسخ مبدأ فصل السلطات في الفكر السياسي الغربي، اتخذ تطبيقه أشكالا شتى، نتيجة تنوع تأويلات المبدأ، ما نجم عنه تنوع في الأنظمة السياسية تبعا لطبيعة العلاقات بين السلط الناتجة عن كل تأويل على حدة، حيث نجد النظام البرلماني، والنظام الرئاسي، و نظام الجمعية.

المطلب الأول: النظام البرلماني

يقول اندريه هوريو أن النظام البرلماني، هونظام يحقق فصل السلطات المرن، خاصة في شكله الكلاسيكي، هذا النظام ظهر للمرة الأولى في انجلترا  منذ اواخر القرن الثامن عشر[38]، حيث يسمح بإقامة توازن حقيقي بين مختلف المؤسسات والأجهزة، مقيما التعاون المتبادل بينها، مع السماح لكل سلطة بممارسة نوع من الرقابة والإشراف على السلطة الأخرى[39].

وبالتالي تدخل السلطة التشريعية في السلطة التنفيذية، وهذه الأخيرة في السلطة التشريعية عبر وسائل قانونية محددة. كما قامت البلدان التي تبنت هذا النظام بإدخال تحويرات و تعديلات تماشيا مع خصوصياتها المحلية، لهذا يمكن القول أن هناك عدة أنواع من التنظيمات السياسية تندرج ضمن النظام البرلماني[40].

ومع ذلك فإن هناك عناصر مشتركة تجمع بين مختلف تمظهرات النظام البرلماني، وباستجماع خصائص النظام البرلماني، نجده يقوم على عنصرين أساسيين هما : ثنائية السلطة التنفيذية، و التوازن والتعاون بين السلط.[41]

أولا: ثنائية السلطة التنفيذية

في النظام البرلماني المعاصر، وتماشيا مع التقليد البرلماني الخالص، السلطة التنفيذية تتكون من جهازين، رئيس الدولة ورئيس الحكومة[42].

أ‌-      رئيس الدولة :

يختلف رئيس الدولة في النظام البرلماني- ملكا كان أو رئيسا للجمهورية- عن شخص رئيس الوزراء، فكلاهما متميز عن الاخر بشخصيته وسلطانه ومسؤولياته[43]، رئيس الدولة ليس له دور نشط، السلطة الوحيدة له تتمثل في تنصيب الوزير الأول تبعا لنتائج الانتخابات البرلمانية، كما يقوم  بدور التحكيم السياسي في حالة الخلاف بين الاحزاب، إلا أنه يترك لهذه الاخيرة مهمة إيجاد حل[...] وبالتالي فرئيس الدولة لا يتحمل المسؤولية السياسية لغياب سلطات حقيقية لديه، ومن ثم يمارس وظيفته طيلة حياته كما يقول الأستاذ عمر بندورو.

فالملك إذن يسود ولا يحكم، إلا أنه يجسد وحدة الدولة واستمراريتها، ويعتبر الرئيس الأول للبلاد وللسلطة التنفيذية، والوضع القانوني للرئيس يتميز بعدم مسؤوليته السياسية عن الأعمال والتصرفات المتعلقة بكافة شؤون الحكم، وذلك بعدم إمكانية إجباره مبدئيا على الاستقالة من طرف البرلمان قبل مدة ولايته القانونية، ودور رئيس الدولة في البرلمانات الكلاسيكية أصبح شكليا شرفيا، فالرئيس يجسد الأمة بإصدار القوانين وتوقيع المراسيم والمصادقة على المعاهدات الدولية[44].

ب - رئيس الوزراء:

الجهاز التنفيذي الثاني هو الحكومة، التي تحوز حقيقة السلطة التنفيذية، وبالتالي تسير السياسة العامة للوطن[...] هذه السلطة التي وصلت الى رئيس الحكومة عبر سيرورة تاريخية كما يقول دونالد ماكلاين : " السلطة انتقلت من الملك الى مجلس العموم، وانتقل جزء كبير منها الى الوزارة، ومن الوزارة الى الوزيرالأول".

في الوزارة، الوزير الأول هو الذي يحوز الدور الاساسي، في الانظمة الثنائية الحزبية رئيس الحزب الفائز في الانتخابات هو من يصبح عموما رئيس الحكومة ويمارس بالتالي سلطة حقيقية على الاغلبية.

وفي أنظمة التعددية الحزبية فتأثير رئيس الحكومة على أهميته هو أقل منه في نظام الثنائية الحزبية، كونه يحتاج الى  أخد قراراته جماعيا في إطار اجتماعات دورية للوزارة[45].

رئيس الحكومة يعد بمثابة أعلى سلطة سياسية و إدارية لمجلس الوزراء، فهو الذي يختار أعضاؤه و يقيلهم، ويعدل من نظام عمل وسير المجلس، ووجود الحكومة ككل مرهون بوجوده، فسقوطه لأي سبب كان، معناه سقوط الحكومة وفق المسؤولية الحكومية الجماعية التضامنية، وإذا كان للوزير الأول الحرية التامة في اختيار أعضاء الحكومة، فإنه يبقى مقيد بضرورة حصوله على الثقة من مجلس العموم[...] لرئيس الحكومة واعضائه اختصاصات هامة وواسعة، وهي تعكس بكيفية واضحة المهام المسندة للجهاز التنفيذي، فهو لم يرث السلطات الملكية فحسب، بل يعمل على تمثيل الشعب وفق التوجيهات العامة التي ثم انتخاب البرلمان وفقها لتجسيد إرادته وتطلعاته[46]، وفي معظم الانظمة البرلمانية وليس كلها، يختار رئيس الوزراء أعضاء وزارته من ضمن البرلمان، وبذلك يكون رئيس وأعضاء الوزارة هم أيضا أعضاء في السلطة التشريعية[...] وبالتالي عادة ما يوافق المجلس على مشاريع القوانين المقدمة لمجلس النواب دون أية صعوبات نظرا لتمتع الوزارة بتأييد أغلبية أعضاء السلطة التشريعية، وإذا فقدت الوزارة هذا الدعم، فإنها تدخل في أزمة سياسية قد

لا يكون المخرج منها إلا بسقوط الوزارة وحل البرلمان و إجراء انتخابات جديدة، ففي ظل النظام البرلماني لا يمكن للوزارة أن تستمر في مهامها إذا لم تتمتع بتأييد أغلبية أعضاء مجلس النواب، ولا يمكن للبرلمان أن يستمر إذا لم يكن منسجما مع الوزارة التي تملك قوة حله، و إجراء انتخابات جديدة للسلطة التشريعية[47].

ثانيا : تعاون السلط

يقرر النظام البرلماني  علاقة متبادلة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، هذه العلاقة  تفضي بالنهاية الى تحقيق التوازن بينهما، وهي تقوم في طبيعتها على تدخل السلطة التنفيذية في بعض اعمالها بالسلطة الشريعية، وتدخل السلطة التشريعية في بعض أعمالها بالسلطة التنفيذية من ناحية أخرى[48].

أ‌-      تدخل السلطة التنفيذية في مجال السلطة التشريعية

يقرر النظام البرلماني بعض الاعمال التي تباشرها السلطة التنفيذية في ميدان السلطة التشريعية تتمثل فيما يلي:

- أعمال خاصة بتكوين البرلمان : رئيس الدول في النظام البرلماني هو الذي يدعو لإجراء الانتخابات السياسية، وتأتي تلك الدعوة عادة إما بعد حل المجلس النيابي قبل انتهاء مدته الدستورية، أو عند انتهاء المدة المقررة له، بالإضافة الى ما تقوم به الحكومة من اجراءات تتعلق بذلك، كتحديد موعد الانتخابات وتحرير الجداول الانتخابية والاشراف على العملية الانتخابية والرقابة عليها[49].

وتشترك السلطة التنفيذية مع الجهاز التشريعي في سن القوانين، ولها أن تقترح ما تراه اساسيا او ضروريا من مشاريع قوانين في هذا السياق، كما تقوم الحكومة بدعوة البرلمان للانعقاد في الدورات العادية او الاستثنائية.

النظام البريطاني يسمح بالجمع بين عضوية الحكومة وعضوية مجلس العموم، الشئ الذي يؤدي الى نوع من التعاون بين السلطتين، اذ يتمكن الوزراء من حضور جلسات البرلمان بصفتهم الرسمية، والاشتراك في المناقشات العامة داخل الجلسات دفاعا عن سياسة الحكومة وتوجهاتها الاساسية، والاشتراك في تقرير القوانين..

ويعد حق حل مجلس النواب أهم أنواع الرقابة التي تباشره السلطة التنفيذية على الجهاز التشريعي، والذي يؤثر به على تصرفات و عمل البرلمان، لذلك يكون من حق السلطة التنفيذية إنهاء حياة المجلس قبل مدته المقررة.

والحل، إما يكون رئاسيا أو وزاريا، فهو حل رئاسي إذا ثم عن طريق رئيس الدولة إذا حدث خلاف بينه و بين البرلمان و الحكومة، الهدف اقالة الحكومة المؤيدة للأغلبية، ويتم تعيين حكومة من الاقلية بعد حل البرلمان.

أما الحل الوزاري فيتم كذلك بطلب من الحكومة، لإنهاء الخلاف القائم بينها وبين البرلمان، ومصدر هذا الحل يعود الى المبدأ الدستوري القائم على أسس مفادها أنه عندما يحدث نزاع بين البرلمان والحكومة، فإن هذه الاخيرة بدلا من تقديم الاستقالة تلجأ الى حل البرلمان، والاحتكام الى هيئة الناخبين للتعرف على رأي الشعب.

بخصوص النزاع[50].

ب‌-  تدخل السلطة التشريعية في مجال السلطة التنفيذية

بالمقابل نجد أن النظام البرلماني وفي اطار المراقبة المتبادلة بين السلطتين التنفيذية والتشريعية قد خول لهذه الاخيرة صلاحيات على السلطة التنفيذية لخلق توازن يضمن استمرار النظام السياسي في اطار المبادئ التي يهدف الى تحقيقها، وهكذا نجد:

-        السؤال :

وهو حق لكل عضو من اعضاء البرلمان، يطلب من خلاله استفسارات حول مسألة تهم الشأن العام من الوزراء، لدى فالسؤال هو عبارة عن استفسار أحد أعضاء الحكومة في القطاع الذي يشرف عليه، بهدف لفت انتباه الوزير الى أمر من الأمور، و هو يعتبر مجرد علاقة بين عضو البرلمان والوزير المختص، لأنه يحصر المناقشة بينهما دون تدخل من أعضاء المجلس الاخرين[51].

-        مسألة سحب الثقة :

في القرن السابع عشر قرر البرلمان البريطاني تحويل الاتهام الجنائي والاضرار التي قد تنتج عنه، الى مبدأ المسؤولية السياسية، وهي مسؤولية يتم اثارتها عند ارتكاب الوزير أخطاء جسيمة تضر بالمصلحة العامة، حتى في ظل غياب نص قانوني، واحتفظ مجلس اللوردات لنفسه بحق تحديد الجريمة والعقوبة التي تتناسب معها بعد تكييف الوقائع مصدر الفعل، ومع بداية القرن التاسع عشر كان مجرد الاتهام كافيا لإقالة الحكومة.[52]

-حق إجراء التحقيق:

يعني أن يقوم مجلس النواب بتشكيل لجان من بين أعضائه، مهمتها التحقيق في مسألة معينة مع الوزراء. كما أن للبرلمان الحق في أن يطلب من جميع الوزارات والمصالح المختلفة كل ما يلزم من مستندات وبيانات لإجراء مثل هذا التحقيق[53].

ولتفادي عدم الاستقرار الوزاري، والعودة المستمرة لحل البرلمان، الانظمة المعاصرة وضعت حدودا دستورية، تشترط التصويت بالأغلبية المطلقة على اسقاط الحكومة، وبالمقابل ثم منع السلطة التنفيذية من حل البرلمان في حالات معينة.

قواعد اشتغال النظام البرلماني تعرف تغيرات تؤثر في تطبيقه، هذه التغيرات ترتبط بوجود الاحزاب السياسية التي ترهن طريقة اشتغال النظام وتؤثر فيه[54].

وإذا كانت السلطة التشريعية تهيمن على مجال الفعل السياسي في النظام البرلماني، فإن فصل السلطات قد أفرز لنا في الجهة المقابلة هيمنت السلطة التنفيذية في النظام الرئاسي.

المطلب الثاني: النظام الرئاسي

يشكل النظام الرئاسي نموذجا للتأويل الصارم لتطبيق مبدأ فصل السلطات عبر اعتماد الفصل المطلق بين سلطات الدولة الثلاث، وقد حدد الفقه الدستوري الاركان الرئيسية للنظام الرئاسي من خلال دراستهم واستقرائهم لدستور الولايات المتحدة الامريكية وبينوها فيما يلي:

1-حصر السلطة التنفيذية في يد رئيس الدولة المنتخب من الشعب

2-الفصل الشديد بين السلطات

أولا : حصر السلطة التنفيذية في يد رئيس الدولة.

إن أول ما يعرف به النظام الرئاسي في أنه النظام الذي ترجح فيه كفة رئيس الدولة في ميزان السلطات.

   ورئيس الدولة في النظام الرئاسي مناط به السلطة التنفيذية، هذا ما نصت عليه الفقرة الاولى من المادة الثانية من دستور الولايات المتحدة الامريكية حيث جاء فيها " تناط السلطة التنفيذية برئيس الولايات المتحدة" الذي يشغل هذا المنصب لمدة أربعة سنوات قابلة للتجديد بانتخاب جديد، ولا يجوز بعدها تجديد هذه الولاية أي صورة من الصور[55].

فالرئيس هو الذي يجمع بين يديه السلط الموزعة في النظام البرلماني بين رئيس الدولة ورئيس الحكومة، الوزراء يسمون في الولايات المتحدة الامريكية سكرتير[...] يعتبرون كمساعدين للرئيس[56]، هؤلاء الوزراء المساعدين لا تربطهم أية علاقة مع البرلمان، ولا يمكن أن يكونوا موضوع أي سؤال أو استجواب من طرف

البرلمان الذي لا يمكن أن يقرر مسؤوليتهم السياسية، فهي مقررة فقط أمام رئيس الدولة وحده، وله كذلك الحق فيما يخص إقالتهم أو  تغييرهم بموظفين من أقربائه السياسيين دونما حاجة الى تصديق البرلمان أو موافقته[57].

أما على المستوى الدولي، فرئيس الدولة هو المسؤول بصورة أساسية عن علاقات الولايات المتحدة الأمريكية بالدول الاجنبية، وهو الذي يعين السفراء والقناصل، و هو الذي يستقبل السفراء الاجانب ويجري الاتصالات الرسمية بحكوماتهم.

 ولذلك قيل بأن رئيس الولايات المتحدة الامريكية هو الدبلوماسي الأول[...] و بالتالي فالنظام الرئاسي وضع رئيس الدولة على رأس هرم الدولة و أناط به مجموعة واسعة من المهام وصفها ترومان في احدى خطبه،: بأنها مجموعة ضخمة و هائلة من السلطات تجعل قيصر و جنكيزخان ونابليون يقضمون أصابعهم حسرة وغيرة، ومن اهم هذه الصلاحيات :

-         رئاسة الدولة، ورئاسة السلطة التنفيذية

-         رئاسة الادارة الفيدرالية، حيث يناط برئيس الدولة مهام تأمين سير المرافق العامة

-         قيادة الجيش وتوجيه العمليات الحربية

-         الصلاحيات التشريعية، حيث يملك الرئيس حق اصدار الأوامر واللوائح

-         حق العفو وتخفيض العقوبة

هذه هي اهم الصلاحيات المناطة برئيس الدولة في النظام الرئاسي الامريكي في الظروف العادية، بل إنه يملك سلطات واسعة وكثيرة في الظروف الاستثنائية، منها الأمر بالاستيلاء على الأموال العامة، وتعبئة الاشخاص من أجل الدفاع عن الوطن[58]   

ثانيا : الفصل الشديد بين السلطات والاستثناءات الواردة عليها

 يقوم النظام الرئاسي على استقلال السلطات العامة كل منها عن الاخرى، فالسلطة التشريعية تستقل مباشرة في ممارسة اختصاصها عن السلطة التنفيذية، والسلطة التنفيذية تستقل في ممارسة اختصاصها عن السلطة التشريعية[59].

أ‌-      مظاهر استقلال الكونجرس الامريكي

-الكونجرس الأمريكي مستقل في ممارسة وظيفته التي تتمثل في سن واقتراح القوانين دون اي تدخل من قبل السلطة التنفيذية، ومن الناحية الواقعية، فإن أغلب اقتراحات القوانين تصدر عن مجلس النواب[...] ومهمة التشريع لا يمكن للكونجرس أن يفوضها للجهاز التنفيذي كما هو معمول به في بعض الانظمة البرلمانية

-موافقة مجلس الشيوخ تعد ضرورية وفق الدستور الاتحادي كلما تعلق الامر بتعيين كبار موظفي الدولة حتى و إذا كان التعيين من طرف رئيس الدولة.

- كل معاهدة او اتفاقية يبرمها الرئيس يعتبر ضروريا موافقة الكونجرس عليها بأغلبية الثلثين، كما أنه يتمتع بسلطة واسعة فيما يتعلق بالرقابة والاشراف على سير العمل في جميع المرافق، والمصالح العمومية، وعلى الموظفين الفيدراليين[60]، كما لا يجوز لرئيس الدولة باعتباره رئيس السلطة التنفيذية دعوة البرلمان للانعقاد، أو فض اجتماع البرلمان، ولا تأجيل انعقاد دوراته أو حل البرلمان(الكونجرس)، كما لا يجوز الجمع بين عضوية كتاب الدولة والوزارة والعضوية في الكونجرس، او اشتراكهم في جلساته او اقتراح قوانين او حتى الاشتراك في المناقشة البرلمانية[61]، وبهذا نكون بصدد فصل كلي للسلط مع عدم تدخل أي سلطة في الاخرى.

ب - مظاهر استقلال السلطة التنفيذية

تستقل السلطة التنفيذية في مباشرة وظيفتها تمام الاستقلال، حيث يستقل رئيس الدولة بوظيفته التنفيذية، و يعتبر على قدم المساواة مع البرلمان، دون ان يكون للبرلمان(الكونجرس) أدنى نفوذ عليه، لأنه يستمد نفوذه من الشعب الذي يختاره، وبالتالي فهو(رئيس السلطة التنفيذية) يقوم بتعيين وزرائه وعزلهم دون أدنى تدخل من البرلمان، وتتحقق مسؤوليتهم أمامه فقط ولا تكون لهم علاقة مباشرة مع البرلمان، كما لا يجوز محاسبتهم عن اعمالهم امام البرلمان بتوجيه للأسئلة والاستجوابات اليهم او بتقرير مسؤولياتهم السياسية[62].وفي نفس السياق ينفرد الرئيس بالقيادة العليا للقوات المسلحة وهو الذي يتولى العمليات العسكرية، وفي حالة الحرب له اختصاصات شبه ديكتاتورية، إذ بإمكانه في سبيل الدفاع عن المصالح العليا للوطن مصادرة أموال الاشخاص، وعملت المحكمة العليا على جعل أغلب هذه السلطات حقا مكتسبا لرئيس الدولة[63].

إلا أن استقلال السلطتين عن بعضهما البعض لا تمنع السلطة التشريعية والتنفيذية من التعاون، و على العكس من ذلك، فهما مجبران على التعايش للحيلولة دون شلل المؤسسات والسقوط في الازمة السياسية.

الدستور الامريكي لسنة 1787 التي طبقت نظرية فصل السلطات الجامد وضع وسائل دستورية تسمح بمراقبة كل منها للأخرى، عبر نظام التوازن والمراقبة.

فرئيس السلطة التنفيذية يتمتع ايضا بصفة تمثيلية واسعة تعطيه حق التدخل في شؤون التشريع[64]، وبالتالي يمارس رئيس الولايات المتحدة الامريكية حسب الدستور حق الاعتراض الشعبي [...] شريطة أن يتم ذلك في العشر ايام الاولى اللاحقة لموافقة البرلمان على القانون، ويترتب على ذلك ايقاف تنفيذ القانون، ويمكن للبرلمان التغلب على الاعتراض بموافقته مرة ثانية على نفس القانون محل الاعتراض بأغلبية ثلثي اعضاء المجلسين.

كذلك أصبح من حق الرئيس التوجه بتوصية او برغبة الى البرلمان بمقتضى الدستور الفيدرالي، وله في هذا الاتجاه أن يوصي بما يراه مناسبا، كأن يلفت نظر البرلمان لقانون معين بواسطة رسائل وبرقيات يبعث بها، وهي توصيات غير ملزمة للجهاز التشريعي ولا تفيده  بشيء، وهي مسألة أمر تحقيقها من عدمه تتوقف على شخصية الرئيس ومدى نفوذه[65]

والكونجرس بدوره له صلاحية الموافقة على التعيينات التي تقوم بها السلطة التنفيذية المتعلقة بكبار الموظفين الفيدراليين، كما يساهم الكونجرس في صياغة السياسة الخارجية عبر سلطة مراجعة المعاهدات[66].

ومعنى كل ماسبق الاشارة اليه، أن الحياة السياسية العملية في الولايات المتحدة الامريكية، أدت الى خلق نوع من التعاون والتعايش بين الاجهزة الحاكمة بواسطة مساطير و إجراءات نصدرها متطلبات العمل الحكومي اليومي وضرورة إنجاح سير المؤسسات في حدود ما يسمح به الدستور [...] الاتحادي ودستور كل ولاية على حدة[67].

ورغم الفصل الجامد للمؤسسات نظريا على مستوى الوثيقة الدستورية للولايات المتحدة الامريكية، إلا أن التنسيق بين الاجهزة والسلط يفرضه الاحتكاك الحاصل والمتواصل دوما بين نشاط السلط المنضوية تحت لواء الدولة الفيدرالية. فوحدة الدولة تستدعي بالضرورة حركية المعلومة داخل جميع الاجهزة ، الأمر الذي يستتبعه التنسيق حفاظا على أهداف الدولة الكبرى، وبالتالي فالفصل الجامد للسلط نظريا لا يمنع انسياب المعلومة المشتركة، وتخندق السلط وتقوقعها الامر الذي سيؤدي حتما الى شلل الدولة بمعناه السياسي، ومن ثم، فإن تأويل نظرية فصل السلط يعرف اتجاهات شتى افرزت لنا في احداها الاتجاه الثالث المتمثل في نظام الجمعة الذي يعرف هيمنه السلطة التشريعية في مقابل النظام الرئاسي والبرلماني.

المطلب الثالث : نظام الجمعية

ان نظام اندماج السلطات بمفهومه القديم يختلف عن مفهومه الحالي، فقديما كان الاندماج يتم في يد شخص واحد، او هيئة واحدة، فتباشر فيها التنفيذ والتشريع والقضاء، فتنعدم الرقابة بين الن السلطات، وتخرج الدولة عن مبدأ الشرعية وسيادة القانون، كما كان الحال سائدا في ظل الحكم الدكتاتوري والملكي المطلق.

أما حاليا، فإن الاندماج يتم لصالح هيئة شعبية نيابية، فيبقى هذا النظام في اطار صور الانظمة الديمقراطية النيابية، ويسمى النظام النيابي الذي يقوم على هذا الاندماج " نظام حكومة الجمعية"[68].

ينفرد بهذه الصورة من الانظمة السياسية البرلمانية، النظام السويسري بمقتضى دستور 1848 الذي ثم تعديله سنة 1874. وهو نظام مؤسس على خضوع السلطة التنفيذية(المجلس الفيدرالي) للسلطة التشريعية(الجمعية الفدرالية) التي تنقسم الى مجلسين( المجلس الوطني، ومجلس الولايات).وتمارس السلطات الثلاث داخل الدولة، الجمعية الفدرالية، أي الجهاز التشريعي[69]، لأن نظام الجمعية يقوم على عدم المساواة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية [...] واندماج السلطتين في يد السلطة التشريعية ولصالحها، حيث تقوم السلطة التشريعية بمباشرة وظيفة التشريع وتعهد بالوظيفة الثانية و هي التنفيذ، الى هيئة اخرى يتولاها تحت اشرافها ومراقبتها [...] حيث يقوم البرلمان بتوجيه الحكومة، ورسم حدود صلاحياتها واختصاصاتها والاشراف على ممارستها لأعمالها[70].

ويعهد الى للبرلمان بالإضافة لمهامه الاساسية التشريع بشؤون الحكم والادارة وهو الذي يعلن الحرب، و يبرم المعاهدات، و يعين أعضاء المحكمة الفيدرالية، أما المجلس الفيدرالي فيمارس اختصاصاته تحت مراقبة الجمعية و تحت اشرافها[71].

- تبعية السلطة التنفيذية للسلطة التشريعية

يقوم نظام حكومة الجمعية على اندماج السلطتين التشريعية والتنفيذية وليس الفصل بينهما، بحيث تتجمع

السلطتين التشريعية والتنفيذية في يد البرلمان على اعتبار انه المنتخب من الشعب، والممثل الحقيقي له [...] ومن ثم فإنه الى جانب الوظيفة التشريعية، يتولى الوظيفة التنفيذية عن طريق تعيين الوزير الأول أو الوزير الاول والوزراء لإدارة شؤون الدولة الداخلية والخارجية تحت رقابة البرلمان وبتوجيه منه[72].

وبالتالي يتضح انفراد الجهاز التشريعي بالسلطة عبر الاختصاصات التي يحوزها كالتالي:

- التزام اعضاء المجلس الفيدرالي، اي السلطة التنفيذية، بتقديم تقارير سنوية عن اعمالهم للجمعية الفيدرالية بمجلسيها، -للجمعية الحق بمجلسيها توجيه استفسارات واقتراحات لأعضاء المجلس الفيدرالي بهدف تغيير السياسة العامة المتبعة، او قصد درس مسألة معينة، او من اجل اعداد مشروع قانون.

- المجلس الفيدرالي لا يملك في حالة حدوث نزاع بينه وبين الجمعية الفيدرالية التهديد او التلويح بحل المجلسين، او سحب الثقة ، او تقديم الاستقالة، وهي في كل هذه الحالات ليس لها-اي السلطة التنفيذية- اي اختصاصات فيما يخص تاريخ الاجتماعات، كالدعوة او التأجيل.

-اي خلاف بين الجمعية الفيدرالية بمجلسيها والمجلس الفيدرالي، يؤدي الى سحب الثقة من المجلس بعد استجواب، والمجلس في هذه الحالة لا يستطيع ان يقدم الاستقالة، بل يظل في الحكم مع تغير لسياسته في الاتجاه الذي يحدده الجهاز التشريعي، وله في هذا المجال الحق في استعمال جميع الوسائل المنصوص عليها قانونا لإخضاع السلطة التنفيذية لتلك المقتضيات[73].

ولا يقتصر حد التبعية عند تعيين البرلمان لأعضاء السلطة التنفيذية والاشراف على اعمالها، بل ايضا يتعدى ذلك الى حق البرلمان في تقرير المسؤولية في مواجهتهم فردا فردا، او جميعا معا، ولذلك لا يوجد في نظام حكومة الجمعية رئيس دولة غير مسؤول كما هو الحال في النظام البرلماني، وأنما تكون السلطة التنفيذية بكامل أعضائها مسؤولة امام البرلمان بما فيها رئيس الدولة[74].

كما تقوم الجمعية الفيدرالية بانتخاب اعضاء المجلس الفيدرالي وعددهم سبعة اعضاء لمدة اربع سنوات. هذا الخضوع للجمعية الفيدرالية من الناحية القانونية لا يجرده من التمتع باستقرار كبير، اعتبار لكون اعضائه قابلون للانتخاب لولايات متعددة غير محدودة، وهناك من الوزراء من احتفظ بكرسيه لمدة عشرون سنة، وينتخب الرئيس من اعضاء المجلس الفيدرالي سنويا[75].

المطلب الرابع : الانتقادات الموجهة الى نظرية فصل السلطات

تعرضت نظرية فصل السلطات على غرار باقي النظريات السياسية لانتقادات سلطت الضوء عن جوانب القصور التي تكون قد شابتها سواء على مستوى التنظير الفكري او على مستوى تطبيقاتها السياسية.

فنظرية فصل السلطات التي اشادت بها الفلسفة  السياسية منذ  القرن الثامن عشر، إذ جاءت بحلول اجرائية كفيلة بتفكيك الاستبداد عبر توزيع سلطانه الى سلطات ثلاث تراقب بعضها البعض، وقد تنوعت الانتقادات الموجهة الى المبدأ، ما بين الايديولوجي والفقهي، التي تابعت مختلف تطبيقات المبدأ، خاصة على ضوء ظهور وتطور دور الاحزاب السياسية  في الانظمة السياسية المعاصرة، وتأثيرها على مخرجات مبدأ فصل السلطات.

أ-انتقاد الماركسيين

هذا الانتقاد يقوم على اساس فكرة وحدة الدولة، فالسلطة في الدولة هي في يد طبقة واحدة( بروليتارية او بورجوازية) أما محاولة توزيعها على سلط مختلفة فيعتبر ضربا من ضروب الخيال ومجردا من كل مدلول، لذا من الوهم الاعتقاد بأن هيئة تشريعية بورجوازية يمكن ان تعارض سلطة تنفيذية او حكومة مسيطر عليها من طرف البرجوازية.

كما ان السلطة في الدولة الاشتراكية تخضع لنفس القاعدة، وبمقابل ما سبق، يمكن تصور توزيع الوظائف في الدولة او تخصصها في مجالات معينة، حيث يمكن اعتبار الهيئة التشريعية هي الهيئة السياسية للدولة، في حين ان الحكومة تعتبر الهيئة الادارية للدولة على اساس الا يمس هذا التوزيع بوحدة السلطة في الدولة[76].

فالأنظمة الفاشية بين الحربين والانظمة الاشتراكية ذات التوجه الماركسي-اللينيني التي كانت لهم اهمية الى حدود سنة 1990[77] عارضت الاخذ بنظرية فصل السلطات.

ب : انتقاد الليبيراليين:

يرى الليبيراليون ان التطبيق العملي لنظرية فصل السلطات قد اسفرت عن نتائج تتعارض مع الهدف المتوخى منها: استقلال السلط وتخصصها، فمن الناحية التاريخية نجد أن الملك في انجلترا، رئيس السلطة التنفيذية، كان يشكل جزءا من البرلمان، ذلك انه كان يتخذ مع وزرائه قرارات تنفيذية لا تختلف في العمق عن القوانين، كما ان المحاكم في دولة تعتمد على العرف في تنظيمها الدستوري، تتجه الى ارساء قواعد قانونية، هذا بالإضافة الى ان مجلس اللوردات، وهو هيئة تشريعية، كان ولا يزال يتمتع باختصاصات قضائية.

يضاف الى ما سبق، ان تطبيق فصل السلطات في دولة ما يخضع للتنظيم الحزبي فيها، ويصبح مصيره موضع تساءل في حالة ما اذا كانت الحكومة منبثقة عن الحزب الذي يتوفر على الاغلبية في البرلمان[78].

فدور الاحزاب أخذ اهمية كبرى لدرجة ان اشتغال النظام البرلماني اصبح يرتبط بنظام الاحزاب اكثر من ارتباطه بنظرية فصل السلطات.

فالسياق الذي ولد فيه النظام البرلماني لم يعد السياق نفسه اليوم، حيث ان النظام البرلماني هو ناتج عنى الصراع بين الملك والبرلمان، وفصل السلطات كان الوسيلة الوحيدة لحماية الحريات، ووضع حد لتعسفات السلطة التنفيذية[...] اليوم الصراع هو بين الاحزاب السياسية لأجل الحصول على السلطة في الانظمة البرلمانية، وبالتالي فالأحزاب هي التي تحوز على السلطة عبر ممثليها.

الحكومة حائزة على السلطة التنفيذية وكذلك على السلطة التشريعية بحكم الاغلبية البرلمانية التي تصادق على كل مشاريع قوانينها، الامر الذي يدفع للقول بأن النظام البرلماني، هو نظام لتجميع السلط لا لتوزيعها على سلط تراقب بعضها بعضا[79]، كون السلطة التشريعية لم تعد تكبح السلطة التنفيذية، وهذا الامر لا يتحقق الا في النظام الرئاسي[80]، وبالتالي سيطرة سلطة واحدة على باقي السلطات العامة في الدولة مما قضى على الهدف من الأصل[81].

إذ أن وسائل المراقبة المتبادلة التي تضمن التوازن بين السلط لم تعد لها نفس المدلول السياسي مثلما كان أول الامر، فمعاقبة البرلمان عبر حله، لم يعد له هدف معاقبة هذا الاخير(البرلمان) في حالة الخلاف بين السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية.

كما أن لإثارة المسؤولية السياسية للحكومة، لا يتم تفعيلها إلا ناذرا، وحتى في حالة اسقاط الحكومة، فالأسباب  لا تأتي من الخلاف بين السلطتين التنفيذية والتشريعية، ولكن نتيجة خلاف بين الاحزاب المشكلة للتحالف الحكومي[82].

و من ثم فالمراقبة البرلمانية في الانظمة البرلمانية هي ذات طبيعة سياسية[83] جعلت السلطة التنفيذية هي الوحيدة التي يعود لها المبادرات والقرارات المهمة، أما السلطة التشريعية فلها قدرة محدودة لمراقبة السلطة التنفيذية، أما السلطة القضائية فهي غير موجودة منذ مدة كسلطة قضائية[84].

ومن ثم فالعديد من الوسائل القانونية الملازمة  لمبدأ فصل السلط قد ثم تعطيلها، الشيء الذي انعكس على المردودية السياسية للنظرية، حيث اصبحت  السلطة التنفيذية تهيمن على  السلطة التشريعية عبر الاغلبية البرلمانية ، ولتجاوز هذا التطور السلبي تقترح مجموعة من الكتابات اقتراحات لتجاوز هذا الوضع منها:

1-  تكريس قوة المعارضة البرلمانية، التي تلعب دور النائب العام المدافع عن المجتمع.

2-      تنويع و إغناء طرق تعبير المواطنين لتطوير النظام التمثيلي[85]

أما النائب العام لدى محكمة النقض( (   Jean-LouisNadal  فيقول سنة 2011، أن الوقت قد حان لتنصيب نائب عام للوطن غير مرتبط بالسياسة[86].

في حين أن الاستاذ (Renaud Baumer) فيدعوا الى تطبيق النظرية الكلاسيكية لفصل السلط [...] واستعمال القضاء الدستوري كعامل توازن أمام السلطة التنفيذية، حيث يعوض القاضي الدستوري مكانة الملك الذي له حق النقض ( (  veto  الى جانب الغرف الممثلة للبورجوازية والارستقراطية في النظام الانجليزي القديم، وبالتالي سيساهم القضاء الدستوري في التشريع عبر أعمال المراقبة، لأن القاضي الدستوري سيحتل مكانة الناطق باسم الارادة الشعبية[87].

  

خلاصة عامة :

لعب مبدأ الفصل بين السلطات، دورا هاما في القضاء على الاستبداد السياسي، والحفاظ على الحريات العامة، وتطوير اساليب اشتغال سلطات الدولة، وتنظيم العلاقة فيما بينها، بشكل يسمح بعدم طغيان احداها على الاخرى، الشيء الذي جعل الانظمة السياسية تولد من جديد وفق الافكار السياسية المؤسسة لعصر الانوار.

إلا أن التطور السياسي الذي عرفته الانظمة الديمقراطية أدى الى افراز لاعبين جدد على الساحة الداخلية للدول، مثل الاحزاب السياسية، التي شكلت ولا تزال، تحديا حقيقيا أمام فعالية نظرية فصل السلطات، حيث اصبحت الحكومة الحائزة على الاغلبية البرلمانية تجمع بين يديها السلطتين التنفيذية والتشريعية نتيجة حيازتها للاغلبية بمجلس النواب، الامر الذي يتعارض مع مبدأ فصل السلطات.

ومن ثم، اصبح جزء من الفقه يقول بشيخوخة ووهمية، نظرية فصل السلطات، واستحالة تطبيقها في الواقع السياسي المعاصر، مُستدِلين في ذلك بشواهد من واقع الممارسة السياسية، وهي تبدوا (الشواهد والاستدلالات)واقعية الى حد كبير، إلا أن القول بموت نظرية فصل السلطات، وأنها وهم سياسي، فهذا أمر يجانب الصواب، ويفتقد الى المصداقية.

فالأنظمة السياسية التي تبنت النظرية مازالت قائمة الذات وفاعلة في المنتظم الدولي، تدبر سلطاتها الداخلية وفق توجهات المبدأ ، ونسوق هنا النموذج الامريكي، كمثال على استمرارية النظرية في ظل الفصل الكلي بين السلط.

فالنظرية تعرف صعوبات، وتحديات، نتيجة الدور المتنامي للأحزاب السياسية التي كسرت قاعدة التضاد المفترض بين ممثلي السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية، وحتما، فإن الممارسة  والصراع السياسي، والتطور التاريخي ، سيفضي الى تصحيح الاوضاع بشكل يسمح بعودة فعالية نظرية فصل السلطات، على اعتبار أن كل من فصل السلطات والاحزاب السياسية هما نتاج التدافع السياسي والصراع على السلطة، ولم يكونا نتاج الفكر السياسي أو الفلسفة السياسية، بمعنى ان الواقع سبق التنظير الفلسفي، ومن ثم فالأمر موكول للزمن السياسي لإيجاد الحلول الكفيلة بالإبقاء على النظرية التي قضت على الاستبداد السياسي.

كما لا يستقيم عقلا ولا منطقا أن يتطور الفكر السياسي في اتجاه تحييد وإعلان موت النظرية، ويرجع خطوة الى الوراء ليسقط في الاستبداد.

والملاحظ، أن كل الانتقادات التي وجهت للنظرية كانت من داخل النظرية ولم تكن من خارجها، بمعنى أن هذه الانتقادات جاءت تدعوا الى تطوير النظرية، تفاعلا مع مستجدات الحياة السياسية، ووضعت عدة مقترحات في هذا الصدد، هي من صميم النظرية نفسها، كالعودة للنظرية التقليدية لفصل السلط مع اعطاء مكانة متميزة لسلطة القضاء على غرار النموذج الامريكي، أو الاستعانة بالقضاء الدستوري لخلق نوع من التوازن بين السلط.

بمعنى أن نظرية فصل السلطات، لم تستنفذ كل امكانياتها وطموحاتها  السياسية، وحتما ستجد حلولا للالتفاف على مأزق الاحزاب السياسية عبر اعادة هندسة سلط الدولة بكيفية تسمح باستمرار أداء نظرية فصل السلط للمهام التي وضعت من أجلها، الا وهي القضاء على الاستبداد، والحفاظ على الحريات في ظل سلطة تنفيذية متربصة.

 محمد بالخضار، باحث في القانون العام 



[1] عبد الوهاب الكيالي، الموسوعة السياسية، ج:4، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، دار الهدى، ص:546.

أنظر كذلك :

- Montesquieu, de l’esprit des lois, le monde de la philosophie, Flammarion, paris, 2008, p : 243

 [2]عدنان السيد حسين، تطور الفكر السياسي، ط:2، 2009، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر و التوزيع، بيروت، لبنان، ص:288.

 [3]رقية مصدق، القانون الدستوري والمؤسسات السياسية،ط:2، 1990، دار توبقال للنشر، ص: 137.

[4] حسن مصطفى البحري،" الرقابة المتبادلة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية  كظمان لنفاذ القاعدة الدستورية" دراسة مقارنة، رسالة دكتوراه، كلية الحقوق، جامعة عين شمس، القاهرة، 2005-2006، ص: 36الى65.

[5]  مصطفى بن شريف، التشريع ونظم الرقابة على دستورية القوانين، سلسلة الوعي القانوني، رقم: 1، سبتمبر 2015، مطبعة بني يزناسن، سلا، منشورات الزمن، ص : 12

[6]  الحاج قاسم محمد، القانون الدستوري والمؤسسات السياسية – المفاهيم الاساسية والنظم السياسية، ط :5، 2011، ص: 112.

[7]  عدنان السيد حسين، م – س، ص: 288 – 289

[8]  عدنان السيد حسين، م – س، ص: 287-288.

[9] Ferdinand Mélin-Soucramanien& Pierre Pactet , Droit Constitutionnel, 33eme édition, sirey, Aout 2014, P :103-104.

[10]  O.Camy ; SEPARATION DES POUVOIRS. Cours de droit constitutionnel ; WWW. DROIT CONSTITUTIONNEL.NET HTML  31 octobre 2015 / 13h45mn

[11] WWW.Conseil-Etat.Fr/actualités/discours-introduction/la-justice-dans-la-separation-des-pouvoirs/Jean-MarcSauvé/17 juin 2011

[12] JacqueCadart / Institutions Politique& Droit Constitutionnel , Tome 1,2eme édition, Librairie  Générale de droit et de jurisprudence,Paris, 1979, p :300 .

[13]  ارسطو طاليس، السياسة، ترجمة أحمد لطفي السيد، منشورات الجمل، بيروت، لبنان، 2009، ط: 1، ص:23.

[14]  ارسطو طاليس، السياسة، م- س، ص: 17

[15]  ارسطو طاليس، السياسة، م- س، ص:31.

[16]  محمد يحيا، الوجيز في القانون الدستوري للمملكة المغربية، ط: 5، 2010، مطبعة سبارطيل، طنجة، ص: 188.

[17]  نزيه رعد، القانون الدستوري العام،  المبادئ العامة والنظم السياسية، المؤسسة الحديثة للكتاب، ط: 1، 2011، لبنان، ص: 129.

- انظر كذلك: ارسطو طاليس، السياسة، ترجمة أحمد لطفي السيد، منشورات الجمل، بيروت، لبنان، 2009، ط: 1، الكتاب الخامس، الابواب:11/12/13، صفحات من 363 الى 377.

[18]  حسن مصطفى البحري، م – س، ص: 36الى65.

[19]  نظام بركات، عثمان الرواف، محمد الحلوة، مبادئ علم السياسة، ط:7، 2009، العبيكان، ص:197

[20]  مصطفى بن شريف، م – س، ص:12. انظر كذلك: حسن مصطفى البحري، م – س، ص: 36الى65.

[21]  محمد يحيا، م – س، ص:188

[22] O.Camy ; SEPARATION DES POUVOIRS. cours de droit constitutionnel ; WWW. DROIT CONSTITUTIONNEL.NET HTML  31 octobre 2015 / 13h45mn

- voir aussi :

André Hauriou, Jean Giquel et Patrice Galard, Droit Constitutionnel& institutions Politiques, 6eme édition, Montchrestien, Paris, 1975 , P.234 

[23]  نزيه رعد، م – س، ص: 130

[24] Jacques Cadart , op.cit , P.298.

[25] Jacques Cadart , op.cit , P.298.

[26] Ferdinand Mélin-Soucramanien& Pierre Pactet . op.cit. p.104.

[27]  حسن مصطفى البحري، م – س، ص:36-65.

[28]  Bertrand Pauvert , Droit conctitutionnel, Théorie Génerale , Levallois-Perret, Studyrama, 2004,P : 156 .

[29] Bertrand Pauvert , op.cit. p :157

[30] Jacques Cadart , op.cit. P, 30 . 

[31]  حسن مصطفى البحري، م – س، ص:36-65.

[32] German Alfonso Lopez Daza « une nouvelle approche au principe de la séparation des pouvoirs publics dans la perspective de l’etat contemporain »   www.juridicos.unam.MX/wccl/ponencias/14/261.pdf  le 31oct 2015/10h53mn.

[33]  مصطفى بن شريف، م – س، ص: 13.

[34]  رقية مصدق، م – س، ص: 138.

[35] Jacques Cadart ,op.cit , P: 301.

[36] Omar Bendourou. Droit constitutionnel et Institutions Politiques, 3eme édition, 2011,.p:159

[37]  الحاج قاسم محمد، م – س، ص: 112

[38] الحاج قاسم محمد، م – س، ص: 112

[39]  محمد يحيا، م – س، ص: 204

[40] Omar Bendourou, op.cit p:167.

[41]  نعمان أحمد الخطيب، الوسيط في النظم  السياسية والقانون الدستوري، ط: 7، دار الثقافة للنشر والتوزيع، عمان، 2011، ص: 375

[42] Omar Bendourou, op.cit p:168.

[43]  نعمان أحمد الخطيب، م – س، ص: 376.

[44]  مذكور عند الحاج قاسم محمد، م – س، ص: 113

[45] Omar Bendourou, op.cit p. 168-169.

[46]  محمد يحيا، م – س، ص: 208-209

[47]  نظام بركات، عثمان الرواف، محمد الحلوة، م – س، ص: 197-198

[48]  نعمان احمد الخطيب، م – س، ص: 380

[49]  نعمان احمد الخطيب، م – س، ص: 380

[50]  محمد يحيا، م – س، ص: 211-212

انظر كذلك:-الحاج قاسم محمد، م – س، ص: 114

- Omar Bendourou, op.cit p:170.

[51] الحاج قاسم محمد، م – س، ص: 115

[52] محمد يحيا، م – س، ص: 213-214

[53]  الحاج قاسم محمد، م – س، ص: 115

[54] Omar Bendourou, op.cit p:170-171. 

[55]  نعمان احمد الخطيب، م – س، ص: 365.

[56]  Omar Bendourou, op.cit p. 164-165,

[57] محمد يحيا، م – س، ص: 198

[58]  نعمان احمد الخطيب، م – س، ص: 367-368.

[59]  الحاج قاسم محمد، م – س، ص: 116.

[60]  محمد يحيا، م –س،ص: 196-197

[61]  الحاج قاسم محمد، م – س،ص:116-117

[62]  الحاج قاسم محمد، م – س/ ص: 117.

[63]  محمد يحيا، م – س،198-199.   انظر كذلك:

- Omar Bendourou, op.cit p: 166

[64]  نظام بركات، عثمان الرواف، محمد الحلوة، م – س، ص: 202

[65]  محمد يحيا، م – س، ص: 199.

[66]  Omar Bendourou, op.cit p: 166

[67]  محمد يحيا، م –س ، ص: 200.

[68]  مذكور عند نعمان احمد الخطيب، م – س، ص: 386

[69]  محمد يحيا، م – س، ص: 192.

[70]  نعمان احمد الخطيب، م – س، ص: 386-387.

[71]  محمد يحيا، م – س، ص: 192.

[72]  مذكور عند نعمان احمد الخطيب، م – س، ص: 388.

[73]  محمد يحيا، م – س، ص: 194.

[74]  نعمان احمد الخطيب، م – س، ص: 388-389.

[75]  محمد يحيا، م – س، ص: 192.

[76] رقية مصدق، م – س، ص: 139.

[77] Ferdinand Mélin-Soucramanien& Pierre Pactet . op.cit. p :104.

[78]  رقية مصدق، م – س، ص: 141.

[79] Omar Bendourou, op.cit p. 177 – 178.

[80] Ferdinand Mélin-Soucramanien & Pierre Pactet . op.cit. p.105.

[81]  محمد غربي، م – س، ص: 241.

 

[82] Omar Bendourou, op.cit. p.178.

[83] German Alfonso Lopez Daza « une nouvelle approche au principe de la séparation des pouvoirs publics dans la perspective de l’etat contemporain » le 31oct 2015/10h53mnwww.juridicos.unam.MX/wccl/ponencias/14/261.pdf

[84] Pierre Rosanvallon

www. Le monde.fr/idees/article/2011/06/17/mieux-controler-l-executif-voila-la-liberte-des-moderns1537442  3232.

[85] Pierre Rosanvallon

www. Le monde.fr/idees/article/2011/06/17/mieux-controler-l-executif-voila-la-liberte-des-moderns1537442  3232.

[86] Jean-Louis Nadal

www. Le monde.fr/idees/article/2011/06/17/un-procureur-general-de-la-nation-doit-etre-instaure-independant-du-politique 1537308  3232.html

[87] Renaud Baumer.

www. Le monde.fr/idees/article/2011/06/17/le-juge-l-constitutionnel-un-indispensable-contrepoids-au-pouvoir   1537446  3232.html

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الدولة،l أزمة الدولة في ظل العولمة

  أزمة الدولة في ظل العولمة إن مسار تطور وظيفة الدولة حملها من القوة الى الضعف، بالقول؛ أن جبروت الدولة الذي ظهر في الحرب العالمية الأولى ...