السبت، 5 يونيو 2021

التنشئة السياسية، ∣مفهوم التنشئة السياسية و وظائفها.

مفهوم التنشئة السياسية و وظائفها

تعتبر التنشئة الاجتماعية هي عملية نقل للمكونات الحضارية لأمة أو دولة من جيل الى جيل، وهي عملية مستمرة ومتكررة في تاريخ الأمم والشعوب، السياسية منها والاجتماعية والثقافية وفي جميع المجالات، وتعد التنشئة السياسية جزء من عملية التحويل هاته.

التنشئة السياسية كموضوع من مواضيع علم الاجتماع السياسي، تحتل مكانة متميزة في صرح هذا العلم، الى جانب ارتباطها بمفاهيم أخرى كالثقافة السياسية والتنشئة السياسية. فما هو مفهوم التنشئة السياسية؟ و ما هي وظائفها؟

مفهوم التنشئة السياسية و وظائفها

المطلب الأول: مفهوم التنشئة السياسية

يعتبر مفهوم التنشئة السياسية من الأهمية بمكان في تحديد السلوك السياسي للأفراد والجماعات، إذ باختلاف التنشئة السياسية تختلف مواقف و أراء الافراد من الأنظمة السياسية ومخرجاتها من مختلف المواضيع المرتبطة بالشأن العام.

و باعتبارها، (التنشئة السياسية) جزء من حقل علم الاجتماع السياسي، فلا يمكن الحديث إذن عن السياسي دون الاجتماعي.

" فالتنشئة السياسية تحيل دائما على التنشئة الاجتماعية باعتبار هذه الأخيرة احدى المحددات الرئيسية للتنشئة السياسية، فالإنسان السياسي يصنع ويتشكل اجتماعيا قبل أن يبدأ مهمة ممارسة السياسة، ونوع وطبيعة التنشئة الاجتماعية أولا، والسياسة ثانيا التي يتلقاها المواطن هي التي تحدد طبيعة سلوكه السياسي وتحكم نظرته لنفسه وللمحيط الذي يشتغل فيه وعليه"[1].

" و من الناحية التاريخية يصعب تحديد فترة تاريخية محددة لنشوء هذه الظاهرة ، ذلك أن هذه التنشئة سواء الاجتماعية منها أم السياسية قديمة قدم المجتمعات  الإنسانية نفسها، فالجماعة الإنسانية كيفما كان نوعها ( أسرة، قبيلة، دولة...) لابد أن تشهد نوعا من التنشئة الاجتماعية و السياسية، كانت هذه التنشئة مقصودة ( يقوم بها مجموعة من الافراد يسعون الى نقل مجموعة من المفاهيم والأفكار والمبادئ ترمي الى اهداف معينة)، أم غير مقصودة ( تتم بطريقة تلقائية يتم بواسطتها نقل المبادئ المتعارف عليها داخل المجموعة من جيل الى جيل عبر ما نسميه العادات والتقاليد  والأعراف...)[2].

إلا أن هناك دراسات تقول بأن هذا المصطلح ظهر أول مرة في عام 1959، في كتاب حمل عنوان (التنشئة السياسية) لمؤلفه هربوت هايمان، و لقد عرفها بأنها " اكتساب المواطن الاتجاهات و القيم السياسية التي يحملها  معه حينما يجند في مختلف الأدوار الاجتماعية، ويعرفها جريستين في دائرة المعارف الدولية للعلوم الاجتماعية بأنها " التلقين الرسمي وغير الرسمي المخطط للمعلومات والقيم والممارسات السياسية وخصائص الشخصية ذات الدلالات السياسية، وذلك في كل مرحلة من مراحل الحياة، عن طريق المؤسسات المختلفة في المجتمع "[3].

وعرفها لانجتون Langton بأنها " الطريقة التي ينقل بها المجتمع ثقافته السياسية، من جيل الى جيل، وهذه الطريقة تخدم المجتمع، حيث انها تساعد على حفظ التقاليد والتعاليم والمؤسسات السياسية لذلك المجتمع[...] ويعرف ريتشارد داوسن التنشئة السياسية على المستوى الفردي، بأنها تعني ببساطة العمليات التي يكتسب الفرد من خلالها توجهاته السياسية الخاصة، معارفه، مشاعره وتقييماته للبيئة ومحيطه السياسي[...] ومن الباحثين من يرى أن التنشئة السياسية هي احدى العمليات الاجتماعية التي عن طريقها يتحصل الافراد على المعلومات والقيم والاتجاهات التي تتعلق او ترتبط بالنسق السياسي لمجتمعهم[4].

بالتالي فالتنشئة السياسية هي عملية نقل المدركات الجماعية سياسية كانت، ام اقتصادية أو ثقافية، من جيل الى جيل لأجل لأجل تمكين هذا الأخير من وسائل التوجيه والانخراط في الفعل السياسي في الحياة العامة.

أما بخصوص التنشئة الاجتماعية، فتعد في ابسط معانيها: كيف يتكون الانسان الاجتماعي ؟ أو بصورة أخرى: كيف يكتسب الانسان خصائص وثقافة المجتمع الذي ينتمي اليه، حيث تصبح له هوية هذا المجتمع وثقافته، فينسب اليه لا لغيره ( ثقافة غربية، ثقافة شرقية ).

عرف روشييه Guy Rochih التنشئة الاجتماعية بكونها: السيرورة التي يكتسب الشخص الإنساني عن طريقها ويستبطن طوال حياته العناصر الاجتماعية، الثقافية السائدة في محيطه ويدخلها في بناء شخصيته، وذلك بتأثير من التجارب والعوامل الاجتماعية ذات الدلالة والمعنى، ومن هنا يستطيع أن يتكيف مع البيئة الاجتماعية حيث ينبغي له ان يعيش[5].

و من ثم، " فالتنشئة السياسية جزء من التنشئة الاجتماعية، ذلك أنها ليست سوى بعد من أبعاد التطور الذي يشهده تكون الهوية لدى الفرد في المجتمع، بحيث يتلقى كل واحد منا  مجموعة من المفاهيم والمبادئ والقيم التربوية، وتعتبر المواقف والمفاهيم السياسية جزءا منها "[6].

و لتوضيح العلاقة بين التنشئة السياسية والثقافة السياسية، فهذه الأخيرة هي مجموعة من القيم والأفكار والمعتقدات السياسية التي توجد في مجتمع ما، وتميزه عن غيره من المجتمعات، وترتبط الثقافة بالتنشئة ارتباطا عضويا، فالأولى هي المحيط العام او النسق الذي تتفاعل فيه التنشئة، وتستمد منه مضمونها الاجتماعي والسياسي، وتتسم الثقافة السياسية بالتعدد في المجتمعات، فبعضها يقوم على المشاركة، وبعضها الاخر يقوم على أساس الطاعة، وكل النظم السياسية تعمل على تتبيث  الثقافة التي تضمن لها البقاء والاستمرارية، وفي حال كان النظام يرغب في تغيير الثقافة السائدة، فبطبيعة الحال سيعمد الى تغيير التنشئة السياسية التي غذت تلك الثقافة "[7].

ويعرض لنا أرسطو في كتابه السياسة، أهمية التربية السياسية، مشيرا الى أنه من ضمن واجبات الحاكم الاهتمام بتربية الاحداث، والدولة التي تهمل ذلك تضر بسياستها، ولكل نظام أخلاق معينة، فالأخلاق الشعبية تنشئ حكما شعبيا، والأخلاق الاوليجارشية تنشئ حكم الأقلية و تصونه، حيث عزى أفلاطون قبل ألفين(2000) سنة سقوط الأنظمة لقصورات او فشل في التنشئة الاجتماعية السياسية[8]. فالثقافة السياسية الناضجة في المجتمع تحافظ على شكل الدولة ونظامها السياسي، وفي الأنظمة الدكتاتورية تتمحور عناصر الثقافة السياسية حول الخوف والترهيب من السلطة، وهنا يكون المجتمع ضعيف الميل الى المشاركة في صنع القرار، وذلك يعود الى فقدان الثقة بشخصية و ذاتية الانسان، وان شراسة تلك الأنظمة لا تتيح الفرصة لظهور المعارضة داخل اطار الدولة، فقد تظهر المعارضة خارج اطار الدولة كإفراز للسطوة والتسلط الدكتاتوري. أما في الأنظمة الديمقراطية فيكون واضحا أثر الثقافة السياسية والتنشئة السليمة التي تؤمن بالديمقراطية  و حقوق الانسان، وهي تؤمن بالضرورة بكرامة الانسان وحمايته من الخطر، حتى لو كانت السلطة الحاكمة نفسها، وهي حريصة على بناء الثقة بين الحاكم والمحكوم في مناخ سياسي ديمقراطي مبني على أساس قبول الاخر بغض النظر عن توجهاته، وتؤمن تلك الأنظمة الديمقراطية بوجود معارضة سياسية تعمل داخل اطار الدولة، ضمن قواعد و أطر سياسية موضوعية تقوم بمهمة المراقبة على سلوك السلطة الحاكمة في المجتمع[9].

بالتالي، فأهداف التنشئة السياسية تختلف من أمة الى أخرى، ومن نظام سياسي الى اخر. فالتنشئة الصينية كما يقول (راسل) انتجت الاستقرار والفن، وجعلت اليابان ترفع شعار التفوق الوطني الاسمى للتنشئة، في حين حققت التنشئة الامريكية هدفا اخر هو تحويل مجموعة من البشر المتباينة الى أمة متجانسة، فالتنشئة هي وسيلة لتحقيق اهداف يرسمها المجتمع، تعكس قيمه وتطلعاته ومشروعه الحضاري[10].

كما تساهم هيئات المجتمع المدني والهيئات السياسية في التنشئة الاجتماعية والسياسية كالنقابات و الأحزاب والحركات الدينية باعتبارهم هيئات غير رسمية[11].

إلا أن مفهوم التنشئة عموما، والتنشئة السياسية على وجه الخصوص يدور حولها اختلاف من زاوية الفترة العمرية التي يخضع فيها الفرد لهذه العملية ( عملية التنشئة السياسية )، الامر الذي افرز لنا على المستوى النظري مفهومين للتنشئة السياسية، المفهوم الضيق والمفهوم الواسع.

بخصوص المفهوم الضيق، فهو مفهوم يجعل من التنشئة عملية مقتصرة على فئة الأطفال، حيث ينظر أصحاب هذا الاتجاه الى التنشئة على انها المسار الذي يتم بواسطته تلقين الطفل مجموعة من القيم و المبادئ السائدة في المجتمع الذي ينتمي اليه[12] حيث ان الابعاد السياسية للتنشئة الاجتماعية في هذه المرحلة العمرية تبدأ خلال مرحلة الطفولة المبكرة، عندما يصبح الطفل قادرا على الاتصال بالبيئة الاجتماعية.

ويبدأ التعليم السياسي للطفل في سن الثالثة، ويكون بطيئا ومقصورا على تعليم الأشياء الموجودة في بيئته. فيربى الطفل في هذا السن على شعور الانتماء لأسرته ووطنه. وفي هذا الصدد قال احمد جمال ظاهر على ان نلاحظ أن حب الأرض و الوطن يتكون لدى النشأ الصغير في الفترة ما بين مرحلة الطفولة والشباب، فإذا لم نعد لهذه المرحلة اعداد جيدا فإننا سندفع ثمنا باهضا، وتعد التوجهات نحو الامة والرموز والشعارات السياسية في هذه المرحلة عاطفية في جوهرها، إذ يبدأ الأطفال في تكوين عالمهم السياسي في هذه السن المبكرة  بواسطة ارتباطهم بهذه الرموز والشعارات عن طريق سماعهم او رؤية رسومها مثل صور الزعماء السياسيين أو أعلام بلادهم والبنايات الحكومية او بعض العمليات، كالانتخابات والاستعراضات العسكرية، أو الاحتفالات الوطنية او المظاهرات، فضلا عن ذلك، فإن هذه التوجهات تتخذ شكل ارتباطات و مشاعر غير واضحة، لأنها لا تملك جانب المعرفة[13]، وبالتالي فأساسيات التنشئة السياسية يتلقاها الفرد في مرحلة الطفولة وتنموا مع تقدمه في باقي المراحل العمرية الأخرى.

أما فكرة أن التنشئة السياسية ترتبط بالعملية التي يخضع لها الافراد في مرحلة الطفولة دون المراحل الاخرى من حياتهم، يرجع بالأساس الى أن المواقف التي يتعرض لها الفرد في هذه المرحلة العمرية يستمر أثرها الى باقي المراحل الأخرى، من هنا نفهم لماذا يربط الباحثين تكون الهوية الثقافية بالمسار الذي تعرفه التنشئة السياسية  للفرد خلال مرحلة الطفولة، لذلك يرى برنشتاين Bernstein أن التنشئة السياسية هي " المسار الذي يكتسب الطفل من خلاله هوية ثقافية معينة ويكون له في ان واحد رد فعل اتجاهها، إنه المسار الذي يتحول بواسطته كائن بيولوجي الى موضوع لثقافة معينة"[14].

أما المفهوم الواسع للتنشئة السياسية، فهي تلك العملية التي " تبدأ مع الفرد منذ ولادته وتستمر معه حتى مماته "[15]، ويقول الدكتور محمد علي محمد في دراسة حول التنشئة السياسية في كتابه (دراسات في علم الاجتماع السياسي) بأن التنشئة السياسية عملية مستمرة ودائمة فهي لا تتوقف عند مرحلة الطفولة او المدرسة، فالخبرات السياسية للفرد مع الحكومة او الحزب او البوليس، و إدراك الافراد لدور رجال السياسة، كلها عوامل تسهم في تحقيق التنشئة السياسية[16].

وترى الباحثة انيك برشران Annik Percheron أن " مصطلح التنشئة السياسية في مفهومه العام يقصد به اليات و مسارات تكون و تحول أنماط التمثل الفردي للآراء والمواقف السياسية، إنها مظاهر تصاحب الفرد عبر مختلف مراحل حياته "[...] ويعرف جي روشر Guy rocher التنشئة السياسية بأنها " المسار الذي بواسطته تكتسب الذات الإنسانية وتستقي خلال مسار الحياة، العناصر السوسيو-ثقافية للوسط الذي تعيش فيه و تدمجه في بنية شخصيتها تحت تأثير التجربة والعوامل السوسيولوجية، ومن هنا تتكيف مع محيطها الاجتماعي[17]

وبناءا عليه فإن الثقافة السياسية للفرد يمكن ان ترتبط تحديدا بمدركاته في مرحلة الطفولة، فالإنسان  يخضع حتما للتعلم اليومي ان لم يكن اللحظي، وبالتالي فإن مدركات الطفولة تصقل على ضوء المعرفة المحصل عليها في باقي مراحل حياة الفرد.

المطلب الثاني: وظائف التنشئة السياسية

إن التنشئة السياسية الرسمية او غير الرسمية تتغيأ أهداف تسعى الى تحقيقها، وتختلف هذه الأهداف باختلاف الأطراف المشرفة على هذه التنشئة " فمعظم النقاشات التي دارت حول هذا الموضوع من تراث علم الاجتماع السياسي  تذهب الى ان التنشئة السياسية تحقق وظيفة تدعيم النسق والمحافظة عليه، فالاستقرار خاصية مرغوبة و إيجابية، والتنشئة هي الوسيلة التي يصبح الفرد من خلالها واعيا بالنسق السياسي والثقافة، ومدركا لهما. أما أولئك الدين ينحرفون عن هذه الثقافة فهم أفراد لم تفلح تنشئتهم على نحو ملائم[18].

فالتنشئة السياسية من أهم وظائف النظام السياسي، و يجند موارده وخبراته ورموزه من أجل تحقيق تنشئة سياسية تضمن له الولاء وتمنحه الشرعية[...] حيث اعتبر كل من ايستون و روبرت هيس أن كل التدابير التي يستخدمها النظام لضمان استمراريته غير كافية، إن لم يعمل على تعليم جيله الناشئ سياسيا. بكل ما تعنيه هذه المفاهيم من معان، و على النظام ان يسعى لنقل بعض تراثه السياسي الى أعضاء المجتمع، أو أن يعمل على خلق تراث جديد لهم، حتى يتمكن النظام الذي يشهد مرحلة تحول جديدة من توقع التأييد لمستقبلها[...] فالتنشئة السياسية وسيلة لدعم و تأييد النظام السياسي[19]، وبالتالي فالنظام يقوم بشكل مباشر بأعمال التنشئة السياسية لأفراد الشعب عبر مختلف الوسائل التي يتوفر عليها لأجل تتبيث أركانه و ديمومة وجوده، عبر " إعداد افراد المجتمع سياسيا و فكريا للقبول بفلسفة وعقيدة المجتمع السياسي، وتنشئة الافراد على طاعة القرارات الصادرة من النظام السياسي، وقبول قواعد اللعبة السياسية، وإكساب الأطفال مشاعر إيجابية نحو النظام السياسي، واحترام السلطة وطاعة القانون، ويمكن ان تمتد وظيفة التنشئة الاجتماعية السياسية الى خارج حدود الدولة الواحدة حينما تقوم تنشئة الافراد على القيم التي تشجع على التعايش مع الشعوب الأخرى، وهي بذلك تحافظ بالنتيجة على بقاء وتكيف المجتمع السياسي مع البيئة الخارجية ومتغيراتها[20].

بالمقابل نجد أن هناك تنشئة سياسية تقوم بها بعض مؤسسات المجتمع لا تتساوق بالضرورة مع اطروحة النظام، بل قد تدعوا الى تقويضه و تغييره وفق اطروحتها الخاصة و رؤيتها للنظام السياسي القائم، حيث تتبنى أطروحة التغيير قد " تؤدي الى تمزق المجتمع السياسي، كما في حالة الانفصال او المطالبة به، أو الهجرة، والحرب الاهلية والاستعانة بالأجنبي للتخلص من النظام السياسي القائم خصوصا إذا ما أسندت بدعم تأثير البيئة الدولية كما يقول Péan Jarres  في هذا الصدد[21] بهدف التغيير المنشود. وبالتالي فالصراع محتدم حول التنشئة السياسية بين النظام السياسي ومؤسسات المجتمع المدني، فكل طرف يسعى الى الهيمنة او التأثير على قنوات التنشئة السياسية للحفاظ على استقرار النسق السياسي وإضفاء طابع المشروعية على نفوذهم و سلطتهم، فهم يسعون جاهدين للتحكم أو التأثير على قنوات هذه التنشئة بدءا من المدرسة- التعليم الرسمي- وانتهاء بوسائل الاعلام، في مقابل ذلك تسعى القوى الأخرى، و خصوصا في المجتمعات المنقسمة ثقافيا أو سياسيا بشكل حاد[...] الى خلق ثقافة سياسية معاكسة، وذلك بمدى نفوذها الى بعض قنوات التنشئة السياسية، فالتعليم الخاص او المؤسسات الدينية – المساجد- أو عن طريق أشرطة الكاسيط - كما حدث إبان الثورة الإسلامية في إيران إلخ[22].

كما نجد من بين وظائف التنشئة السياسية" بناء الشخصية الاجتماعية والوطنية- كما تقول الدكتورة سناء نجم العباسي – عبر تمرير ونقل المعرفة والآراء والمبادئ ذات المضمون السياسي الى الافراد لغرض اعدادهم اعدادا اجتماعيا سليما، و ان تخلق من مواطنين صالحين يساهمون في الحياة بكافة مجالاتها الاجتماعية والاقتصادية والتربوية مما يسهل من عملية اندماجهم بالمجتمع[23]، عبر تلقينهم القيم الضرورية مثل احترام العمل الجماعي، والتعاون والاحساس المشترك بالمسؤولية، و نكران الذات، والإيتار و طاعة القانون وحب الوطن[...] و من تم يتشكل مجتمع سياسي ذو شخصية وطنية أو قومية متميزة عن غيرها يحظى بالولاء من طرف أفراد الأمة[24] الى غير ذلك من الوظائف الأخرى.

فالتنشئة السياسية قد تكون أداة للحفاظ على النسق السياسي القائم، وذلك بتلقين وتعليم الفرد التوجهات والقيم السياسية النابعة من الثقافة السياسية السائدة في المجتمع  والداعمة لنسقه السياسي، أو تصبح أداة في خدمة التنمية السياسية المفتوحة على كل التوجهات والاحتمالات[25] حسب خلفية الفاعلون في التنمية السياسية.


محمد بالخضار، باحث في القانون العام

1- ابراهيم ابراش، علم الاجتماع السياسي، ط: 1، دار الشروق للنشر والتوزيع، عمان، الاردن، 1998، ص: 197.

2- كريمة حسان، التنشئة السياسية بالمغرب من 1956 الى 2003، اطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام، جامعة محمد الاول، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية وجدة، السنة الجامعية 2004-2005، ص: 10-11.

3- رضا محمد هلال، التعليم والتنشئة السياسية في العالم العربي نماذج البحرين، الاردن، الكويت، العراق، مصر، سلسلة دراسات، 2015، معهد البحرين للتنمية السياسية ، ص: 14.

4- مولود زايد الطبيب، التنشئة السياسية ودورها في تنمية المجتمع، المؤسسة العربية الدولية للنشر، ط: 1، 2001، عمان، الاردن، ص: 11-12.

 

5- إبراهيم ابراش، م – س، ص: 200.

6- كريمة حسان، م – س، ص: 6.

7- رضا محمد هلال، م – س، ص: 15.

8- رعد حافظ سالم الزبيدي، مبادئ التنشئة الاجتماعية السياسية، دراسة نظرية تحليلية وتطبيقية مقارنة في علمي الاجتماع السياسي والنفس السياسي، المكتب المصري للمطبوعات، ص: 76.

9- ناجي الغزي، دور مؤسسات المجتمع المدني في التنشئة السياسية، الحوار المتمدن، العدد: 2638، 6 ماي 2009

http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=171046

10- رعد حافظ سالم الزبيدي، م – س، ص: 70 – 71.

11- كريمة حسان، التنشئة السياسية في المغرب، ط: 1، 2015،  مطبعة قطبة، حي السلام، اكادير، ص: 173 ويليه.

12- كريمة حسان، اطروحة دكتوراه، م – س، ص: 7.

13- رعد حافظ سالم الزبيدي، م – س، ص: 98.

14- كريمة حسان، اطروحة دكتوراه، م – س، ص: 8 – 9.

15- مولود زايد الطبيب، م – س، ص: 75.

16- مولود زايد الطبيب، م – س، ص: 44.

17- كريمة حسان، اطروحة دكتوراه، م – س، ص: 8-10.

18- مولود زايد الطبيب، م – س، ص: 43.

19- رضا محمد هلال، م – س، ص: 15.

20- رعد حافظ سالم الزبيدي، م – س، ص: 75.

21- رعد حافظ سالم الزبيدي، م – س، ص: 78.

22- ابراهيم ابراش، م – س، ص: 197-198.

23- مولود زايد الطبيب، م – س، ص: 46.

24- رعد حافظ سالم الزبيدي، م – س، ص: 73-74.

25- ابراهيم ابراش، م – س، ص: 205.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الدولة،l أزمة الدولة في ظل العولمة

  أزمة الدولة في ظل العولمة إن مسار تطور وظيفة الدولة حملها من القوة الى الضعف، بالقول؛ أن جبروت الدولة الذي ظهر في الحرب العالمية الأولى ...