الأحد، 13 يونيو 2021

حقوق الإنسان،l نماذج من المؤسسات غير الرسمية المدافعة عن حقوق الإنسان

 نماذج من المؤسسات غير الرسمية المدافعة عن حقوق الانسان

تتعدد المؤسسات غير الرسمية المدافعة عن حقوق الأنسان في المغرب، وسنتناول نموذج العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الانسان، والجمعية المغربية لحقوق الانسان.

المطلب الأول : العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الانسان

تأسست في 11 ماي 1972 كأول تنظيم مختص في الدفاع عن حقوق الانسان بالمملكة المغربية، وركزت أهدافها على الدفاع عن الحريات العامة، وجاء تأسيسها بمبادرة من مجموعة من المواطنين والحقوقيين والنقابيين والمثقفين الذين أسسوا هذه المنظمة[1].

نماذج من المؤسسات غير الرسمية المدافعة عن حقوق الإنسان

إن الظروف التاريخية لولادة " ع.م.د.ح.إ " هي جد مهمة، ذلك انه بعد سنوات حالة الاستثناء التي عرفها المغرب سنة 1965 – 1970، والاحداث السياسية التي أعقبت ذلك، كان لزاما على المهتمين بقضية حقوق الانسان، أن يؤسسوا إطارا يمكن من خلاله التنديد بالتجاوزات، إنها ضرورة منطقية، ذلك أنه، وفي غياب مؤسسات شعبية حقيقية لمراقبة العمل الحكومي، وانعدام مناخ الحوار الديمقراطي، اشتدت حملات القمع والاضطهاد ضد المناضلين الوطنيين في المغرب، تجلت على الخصوص  في الاختطافات والاعتقالات والمحاكمات الصورية، والرقابة على الصحافة الوطنية ومصادرتها، وتهميش القوى الديمقراطية ومضايقة نشاطاتها.

 كان لابد من إيجاد إطار قانوني يتولى التوعية بحقوق الانسان، ويقوم بالدفاع عن هذه الحقوق بجميع الوسائل المشروعة.

أرخت هذه الفترة كذلك للجدل الكبير الذي دار ما بين السلطة والأحزاب السياسية المعارضة حول دستور 1970 الذي مثل الرجوع الى الحالة العادية بعد انتهاء حالة الاستثناء،...

يظهر إذن أن العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الانسان قد نشأت في سياق تاريخي متوتر، محفوف بالمخاطر وكثرة الضغوطات والتقلبات[2].

تقوم العصبة سنويا بإصدار بيانات وتقارير عن وضعية حقوق الانسان في المغرب، كما تشارك في اهم التظاهرات الثقافية والحقوقية الوطنية والدولية والإقليمية ذات الصلة بحقوق الانسان، وتحرص العصبة على أن تكون إيجابية في تعاملها مع المبادرات الحكومية في مجال حقوق الانسان، لذلك لم تتردد في الانضمام الى المجلس الاستشاري لحقوق الانسان عند إحداثه متخلية عن علاقات التعاون والتنسيق التي كانت تربطها مع الجمعية المغربية لحقوق الانسان التي رفضت المشاركة في المجلس المذكور بمبرر عدم استجابته للمعايير الدولية الخاصة بالمؤسسات الوطنية لحقوق الانسان.

ومما يذكر في هذا الصدد، أن التنسيق بين العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الانسان والجمعية المغربية لحقوق الانسان شكل القاعدة الأساسية لتوحيد الجهود بين المنظمات الوطنية لإعلان " الميثاق الوطني لحقوق الانسان " في 10 دجنبر 1990[3]. وجاء تأسيس العصبة لتحقيق جملة من الأهداف:

-         الدفاع عن حقوق الانسان السياسية والاقتصادية والاجتماعية وحرياته الأساسية وتحقيق الاعتراف بها،

-   نشر وتعميم مفاهيم و مبادئ حقوق الانسان وحرياته الأساسية في جميع أصولها ومصادرها كما نص عليها الإسلام و أكدها الإعلان العالمي لحقوق الانسان والبيانات والمعاهدات الدولية والعربية التي تتلائم أهدافها مع البيان المذكور.

-   دراسة القضايا القانونية المتعلقة بضمانات حقوق الانسان وحرياته الأساسية في التشريع المغربي والسعي لدى السلطات العامة للعمل على توسيعها و إلغاء كل النصوص والإجراءات المنافية او المعرقلة لممارستها.

-   التعاون مع المنظمات والمؤسسات و النقابات والاتحادات الدولية والإقليمية والوطنية ذات الأهداف المشتركة وتنسيق العمل معها.

يتضح أن العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الانسان ذات الارتباط بحزب الاستقلال لها مرجعيتين اثنتين:

الأولى دينية، مستمدة من التشريع الإسلامي، والثانية دولية مستمدة من عالمية حقوق الانسان، إلا أن نشاط العصبة بقي محتشما ولم يظهر عل الساحة الوطنية بشكل واضح إلا بعد التعاون والتنسيق مع الجمعية المغربية لحقوق الانسان[4]. الامر واضح فارتباط العصبة بحزب الاستقلال أثر على فعاليتها وعلى جرأتها في التعاطي مع الشأن الحقوقي المغربي، بحكم التبعية الفلسفية ذات التوجه اليميني لحزب الاستقلال المتناغم مع توجهات الدولة المغربية.

المطلب الثاني : الجمعية المغربية لحقوق الانسان

ظهرت هذه الجمعية في جو سياسي مشحون ومفعم بالمحاكمات التي عرفها المغرب خلال نهاية السبعينات والتي طالت المضربين، وكذلك في سياق تاريخي جد مهم، عرفت هذه الفترة انتشارا واسعا للدبلوماسية الامريكية في ميدان حقوق الانسان، حيث كان العالم يعيش تحت وطأة سياسة " كارتر " الداعية الى احترام هذه الحقوق على المستوى الدولي، وفي هذا الاطار قام مجموعة من المناضلين من الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية باتخاذ مبادرة من اجل إنشاء منبر يعبر عبره عن مطالبه وقطع الطريق أمام العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الانسان[5].

إذ تأسست الجمعية في 24 يونيو 1979، واكتسبت العضوية في بعض الهيئات الحقوقية الدولية، فهي عضو في الفيدرالية الدولية لحقوق الانسان، وعضو في المنظمة العربية لحقوق الانسان، وعضو في الاتحاد الافريقي لحقوق الانسان، كما اعترف لها في حكومة التناوب سنف 1998 بصفة المنفعة العامة[6].

وتهدف الجمعية الى بناء دولة الحق والقانون  ومجتمع الحرية والعدالة الاجتماعية، مجتمع المواطنين والمواطنات الاحرار المتساوين في التمتع بكافة الحقوق الإنسانية بدون أدنى تمييز أو استثناء. وقد نشأت الجمعية كإطار وحدوي مفتوح أمام كل الفعاليات الديمقراطية بالبلاد من اجل المساهمة في توسيع وتثبيت نضال شعبنا الهادف الى إقرار حقوق الانسان بمفهومها الكوني وفي شموليتها والى ترسيخها في الواقع.

ومن أجل المساهمة حسب قدراتها، في الحركة العالمية الهادفة الى فرض احترام حقوق الانسان والشعوب في كافة أرجاء المعمور مع ما يتطلبه ذلك من تصدي للعولمة الليبيرالية المتوحشة وللإمبريالية كحركة معادية لحق الشعوب في تقرير مصيرها، وللصهيونية كحركة عنصرية استعمارية وعدوانية[7].

تهدف الجمعية حسب المادة الثالثة من قانونها الأساسي الى صيانة كرامة الانسان واحترام جميع حقوقه بمفهومها الكوني والشمولي وحمايتها والدفاع عنها والنهوض بها.

وتهدف بالخصوص الى:

-         التعريف بحقوق الانسان وإشاعتها والتربية عليها خاصة وسط النساء والشباب والأطفال والشغيلة،

-   العمل على تصديق المغرب على كافة المواثيق الدولية لحقوق الانسان و إدماج مقتضياتها في التشريع المغربي وملاءمته معها وضمان احترامها،

-         الرصد والفضح والتنديد بجميع الخروقات التي تطال حقوق الانسان والعمل من أجل وضع حد لها،

-         الوقوف بجانب ضحايا خرق حقوق الانسان تضامنا ومؤازرة و دعما.

تستند الجمعية في سبيل تحقيق أهدافها على ستة مبادئ تتمثل في كونية حقوق الانسان وشموليتها، الاستقلالية، الجماهيرية الديمقراطية، والتقدمية.

و تشمل أهم أنشطة الجمعية متابعة انتهاكات حقوق الانسان في المغرب عبر رصدها وتوثيقها والإخبار بها وإعدادها للنشر والتدخل لدى الجهات المسؤولة والمعنية من أجل إنصاف ضحايا هذه الانتهاكات، والحيلولة دون تكرارها، وفضحها عبر البيانات والعرائض والحملات...[...] وتصدر الجمعية منذ 1981 جريدة " التضامن " المتخصصة في حقوق الانسان بصورة منتظمة مرة في كل شهر، كما تقوم كذلك بنشر تقرير سنوي عن حالة انتهاكات حقوق الانسان في المغرب، فضلا عن كتب و كراسات حقوقية[8].

تتكون أجهزة الجمعية المغربية لحقوق الانسان حسب المادة السادسة من قانونها الأساسي من:

-         المؤتمر الوطني،

-         اللجنة الإدارية،

-         المجلس الوطني،

-         المكتب المركزي،

-         الفروع المحلية وأجهزتها،

-         مكاتب الفروع،

-         الجموعات العامة،

-         مجالس الفروع،

-         اللجان المحلية،

-         الفروع الجهوية وأجهزتها،

-         المجالس الجهوية،

-         المؤتمرات الجهوية،

-         المكاتب الجهوية.

هذه التركيبة التنظيمية تشبه الى حد كبير الهيكل التنظيمي لحزب سياسي مغربي.


محمد بالخضار، باحث في القانون العام


1- رضوان جودت زيادة، مسيرة حقوق الانسان في العالم العربي، ط: 1، 2000، الناشر: المركز الثقافي العربي، الدار البيضاء، ص: 171.

2- يوسف سونة، المغرب وحقوق الانسان والمواطن بين التشريع والتطبيق والممارسة، ط:1، 2002، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، ص: 263 – 264.

3- محمد السكتاوي، حقوق الانسان اليات الحماية الدولية والإقليمية والوطنية، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، 2003 ، ص: 56 – 57.

4- محمود اكرف، حقوق الانسان بالمغرب: المكتسبات المؤسساتية والالتزامات الدولية، رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون العام، جامعة محمد الخامس، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية-أكدال- السنة الجامعية  2008/2009 ، ص: 25.

5- يوسف سونة، م – س، ص: 265.

6- محمد السكتاوي، م – س، ص: 57.

7- ديباجة القانون الاساسي للجمعية المغربية لحقوق الانسان المصادق عليه في 10 دجنبر 2012.

8- محمد السكتاوي، م – س، ص: 57 – 58.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الدولة،l أزمة الدولة في ظل العولمة

  أزمة الدولة في ظل العولمة إن مسار تطور وظيفة الدولة حملها من القوة الى الضعف، بالقول؛ أن جبروت الدولة الذي ظهر في الحرب العالمية الأولى ...